اخبار لايف

إيران تعاكس الاتجاه.. «الحليف والوكيل» في مرمى «سهام الشمال»


لحظات غير مسبوقة في تاريخه يواجها حزب الله اللبناني، نتيجة خرق إسرائيلي لجهاز اتصالاته، كبده خسائر باهظة بين قياداته وعناصره، إضافة لضربات جوية من تل أبيب يراها مراقبون تمهيدا لاجتياح بري، قابلها توسيع الحزب لنطاق صواريخه.

تصعيد دفع الأنظار نحو إيران، في محاولة لقراءة سيناريوهات التحرك تجاه ما يحدث لأقوى وأوثق أذرعها العسكرية في المنطقة، حيث توقع مراقبون أن تدفع بكامل قوتها لحمايته.

لكن “النبرة التصالحية” التي تنتهجها الإدارة الإيرانية أسالت حبر التساؤلات، فلماذا عاكست طهران التوقعات؟ وهل “النبرة التصالحية” التي تنتهجها الإدارة الإيرانية تمثل موقفًا استثنائيًا أم مأزقًا جديدًا تواجهه طهران فيما يتعلق بما يُعرف بـ”الحليف والوكيل”؟.

وللإجابة على هذه التساؤلات، أكد محللون ومراقبون، أن “إيران تتجنب التورط في حرب مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتسعى إلى إخراج حزب الله من التصعيد العسكري الراهن بأقل الأضرار”.

ترقب الرد الإيراني

وفي أول إشارات عن رد طهران، نقلت “سي إن إن” عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الثلاثاء الماضي، قوله إن حزب الله “لا يمكنه الوقوف بمفرده” في مواجهة إسرائيل.

وأضاف الرئيس الإيراني في المقابلة التلفزيونية: “لا يمكن لحزب الله أن يقف بمفرده ضد بلد يتم الدفاع عنه ودعمه وتزويده من قبل الدول الغربية والدول الأوروبية والولايات المتحدة”.

وتفاعلت سريعًا حسابات شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي مع تصريحات بزشكيان، وهاجمت غالبية التعليقات هذه التصريحات ووصفتها بتخلي طهران عن حزب الله الذي طالما وصفته بـ”الخط الأحمر”.

تزامنت هذه الانتقادات مع ما ذكره رئيس تحرير صحيفة “جوان” الأصولية الإيرانية، غلام رضا صادقيان: “هناك ارتباك غريب لا يمكن وصفه في عبارات بزشكيان مثل: “نحن على استعداد لإلقاء جميع أسلحتنا، بشرط أن تقوم إسرائيل بنفس الخطوة”، و”يجب أن تأتي منظمة دولية لتوفير الأمن في المنطقة”.

وتابع الكاتب: “ما بين إيران والولايات المتحدة لا يمكن حله بالابتسامة وأربع كلمات دبلوماسية”، مشيرًا إلى أنه على النقيض مما يُقال، فإنّ الولايات المتحدة هي التي لديها “أيديولوجية صلبة لا تتغير”.

وتزامنت موجات اغتيال قادة الحزب البارزين في مسرح العمليات العسكرية، وآخرهم رئيس منظومة الصواريخ إبراهيم قبيسي، مع تكثيف الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية “معقل الحزب” التي أطلقت عليها إسرائيل سهام الشمال .

وأودت الغارات الإسرائيلية بحياة المئات ما بين قتيل وجريح، بجانب نزوح عشرات الآلاف من الجنوب إلى الشمال اللبناني، ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب اللبنانية الثانية في يوليو/تموز 2006.

تسريبات “أكسيوس”

الموقف الإيراني “غير المفهوم” ازداد غموضًا وتعقيدًا مع ما نقله موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين ودبلوماسي غربي بأن “المخابرات الإسرائيلية والأميركية تشير إلى أن حزب الله تواصل مع إيران في الأيام الأخيرة وحث الإيرانيين على المساعدة من خلال شن هجوم ردًا على اغتيال قبيسي”.

ومضى الموقع الأمريكي قائلاً: “الإيرانيون أبلغوا نظراءهم في حزب الله بأنّ التوقيت ليس مناسبًا لشن هجوم على إسرائيل”.

وتابع: “مسؤولون إسرائيليون قالوا إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ناقش إمكانية التدخل الإيراني المباشر في القتال في لبنان مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت خلال مكالمة هاتفية الأحد الماضي”.

ما سبق يؤشر إلى أن هناك حالة توافق إيراني نحو عدم الانجرار للصدام المسلح مع إسرائيل، رغم ما يتكبده حزب الله.

استراتيجية الحليف والوكيل

وفي هذا السياق، أكد الباحث الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط، راين بوهل، أنه لا يرى فيما يحدث، رياحًا معاكسة لما هو سائد.

وأشار في تصريحات إعلامية، إلى أن “طهران لن تتخلى عن حزب الله لأنه جزء من القوة العسكرية الإيرانية، وأنها ستظل تزيد من دعمها المادي لحزب الله، وتضمن حصوله على الترسانة التي يحتاجها لخوض حرب طويلة مع إسرائيل”.

ويرى الباحث الأمريكي أن “التصعيد العسكري في الشمال الإسرائيلي لا يستدعي انخراط طهران بصورة مباشرة، سيما وأنها نجحت طوال السنوات السابقة في تسليح حزب الله بصورة تضمن للحزب الدخول في معارك “تكسير العظام” طويلة الأمد مع إسرائيل”.

وما لم تتحول هذه الحرب إلى وجودية ضد “حزب الله”، أو تبدأ في التأثير بشكل مباشر على المصالح الإيرانية، فإن إيران “ستظل مجرد مورد وليس مشاركًا أو منخرطًا مباشرًا”، وفقًا لقول الباحث الأمريكي.

لكن مراقبون قللوا مما ذهب إليه البعض من إمكانية تخلي طهران عن حزب الله في مقابل ملفها النووي، مشيرين إلى أن حزب الله بالنسبة إلى طهران لا يقل أهمية عن الملف النووي باعتباره جوهرة القوة الإقليمية الإيرانية.

وحول تحريك حلفاء إيران في دول إقليمية بخلاف لبنان لإسناد حزب الله، توضح الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي، في تصريحات صحفية، أنه يجب التفريق في قراءة السياسة الإيرانية المتبعة في المنطقة بين الفترة التي سبقت وصول الإصلاحيين إلى السلطة والفترة التي تلتها.

وتشير كولوريوتي إلى أنه “في ظل سيطرة المحافظين على صناعة القرار في طهران، كان دعم حركة حماس في غزة واضحًا من خلال تفعيل استراتيجية وحدة الساحات، وإن كان بمستويات مختلفة على أساس الجغرافيا”.

منافع مع أقل الأضرار

ولفتت إلى أن “الحوثيين تحركوا في مسارين: البحر والجو، وبموازاة ذلك فتح حزب الله خلال الأشهر الماضية جبهة دعم متصاعدة، في وقت كانت المليشيات العراقية تشن سلسلة من الهجمات ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق”.

لكن مع وصول الإصلاحيين إلى السلطة، طرأ “تغير واضح في استراتيجيتهم في التعامل مع أدواتهم في المنطقة بشكل عام”، بحسب الباحثة في تصريحاتها الإعلامية.

واعتبرت كولوريوتي أن “الإصلاحيين باتوا ينظرون إلى الوكلاء كأداة لدعم مصالحهم وترسيخ نفوذهم الإقليمي وأوراق الضغط الدولي”، وأن توازن سياساتهم في النظر إليهم يعتمد على حجم المنافع بأقل ضرر ممكن.

دبلوماسية الهامش

في سياق موازٍ، منح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر من أجل مناقشة تهدئة التصعيد العسكري الراهن مع حزب الله، حسب “وول ستريت جورنال”.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين وصفتهم بالبارزين، أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد حربًا أوسع، وأن حزب الله يريد مساحة للتنفس بعد أن أهلكت إسرائيل قيادته، وتدهورت ترسانته في الأسابيع الأخيرة.

ومن جهتهم، قال مسؤولون عرب إن الخطة الأمريكية تتوخى وقف هجمات حزب الله وإسرائيل، يليها جهد دبلوماسي تقوده الولايات المتحدة للتوصل إلى تسوية أكثر ديمومة، والتي من شأنها معالجة النزاعات على الأراضي على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية وإعادة بناء مناطق جنوب لبنان التي تضررت من الغارات الجوية، حسب الصحيفة الأمريكية.

وشددت الصحيفة الأمريكية على أن الاجتماعات الهامشية للجمعية العامة للأمم المتحدة شهدت جهودًا مكثفة من قبل مسؤولي الإدارة الأمريكية، وعدد من مسؤولي دول إقليمية وعربية من أجل احتواء التصعيد في لبنان، خشية تمدد الصراع إلى مناطق إقليمية أخرى.

وهو ما أكده بيان للبيت الأبيض، حمل توقع العديد من الدول الغربية والعربية، دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار يستمر 21 يوما، وطالب طرفي النزاع بالامتثال له.

وتزامنت موجات اغتيال قادة الحزب البارزين في مسرح العمليات العسكرية، وآخرهم رئيس منظومة الصواريخ إبراهيم قبيسي، مع تكثيف الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية “معقل الحزب” التي أطلقت عليها إسرائيل سهام الشمال .

وأودت الغارات الإسرائيلية بحياة المئات ما بين قتيل وجريح، بجانب نزوح عشرات الآلاف من الجنوب إلى الشمال اللبناني، ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب اللبنانية الثانية في يوليو/تموز 2006.

ودفعت الضربات التي يتلقاها حزب الله إلى إطلاقه رشقات صاروخية طالت “أبعد مكان” في العمق الإسرائيلي منذ العام 2006، حسب وصف وكالة الأنباء الفرنسية.

كما أعلن الحزب اللبناني عن إدخاله الخدمة صواريخ “قادر1” ذات المدى البعيد والقدرات التدميرية “واسعة التأثير”، في إشارة واضحة لإمكانية مفاجأة الحزب اللبناني للجيش الإسرائيلي بأسلحة ردع قد تترك ثقوبًا في جدار القبة الحديدية لا يمكن ترقيعها.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA=

جزيرة ام اند امز

GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى