اخبار لايف

الأصل والمنهج.. كيف خرج الإرهاب من رحم الإخوان؟ (الحلقة الأولى)


باتت الجماعات المتطرفة أمرًا واقعًا بالمنطقة العربية بسبب دعم بعض الدول لها وتوفر البيئة الخصبة لنشاطها، وربما الانشغال عن مواجهتها.

إذ إن التنظيمات المتطرفة أو المسلحة تُستخدم في تنفيذ أجندات خاصة ترتبط بأيديولوجيا دينية متطرفة، وهي لا تُمانع العمل مع بعض الدول مقابل تنفيذ هذه الأجندات أو الحصول على المال أو حتى الوصول للسلطة، وهنا يبدو خطر هذه المجموعات على مفهوم الدولة الوطنية.

وفي حلقات متتالية، تعرض “العين الإخبارية”، نتائج دراسة حديثه لمنير أديب الباحث المصري في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، تتناول صعود التنظيمات المتطرفة وتطورها ومنابع تمويلها وسبل المكافحة. 

الدراسة تُناقش خطر التنظيمات المسلحة بعد قراءة الأصول الفقهية والتنظيمية التي ساعدت في نشأتها، ومصادر تمويلها، كما أنها تعقد مقارنة أو فصل بين المجموعات المسلحة ذات الخليفة الشيعية مثل حزب الله اللبناني وفصائل الحشد الشعبي في العراق، وبين التنظيمات المتطرفة ذات الخليفة السنية مثل القاعدة و”داعش” والإخوان.

كما تتطرق هذه الدراسة إلى سياسات وتكتيكات التنظيمات المتطرفة عسكريًا، والتاريخ الأسود لبعضها وبخاصة ذات الخلفية الشيعية، وازدواجية التعامل الدولي معها ومدى استفادة بعض الدول من وجود هذه التنظيمات، وتحديات مواجهتها.

الأكثر من ذلك، تعرضت الدراسة لخطر هذه التنظيمات على الهوية الوطنية والتراث والثقافة، وخطورة هذه التنظيمات على الشباب، حيث لجأت إلى التأثير على قناعاتهم من أجل محاولة استقطابهم.

الأصول التنظيمية والفقهية 

تعود نشأة الجماعات المتطرفة إلى نهاية العقد الثاني من القرن الماضي، وربما تزامن ذلك مع ظهور جماعة الإخوان في العام 1928، فمن رحم هذا التنظيم خرجت كل التنظيمات والجماعات المتطرفة فيما بعد، حيث استقت كل هذه التنظيمات أفكارها من الجماعة الأم.

كما داعبت الإخوان خيال المتطرفين في كل زمان ومكان حتى خرجت عشرات التنظيمات المتطرفة والمسلحة من معطف الجماعة، وفق الدراسة.

كما تعود نشأة أغلب الجماعة المسلحة ذات الخلفية الشيعية لما بعد إعلان “الجمهورية الإسلامية” بإيران في العام 1979، على يد آية الله الخميني؛ فمن أهدافها تصدير الثورة إلى الخارج، ومن هنا كانت فكرة إنشاء أذرع عسكرية في عدد من البلدان العربية.

واعتبر الخميني أن إيران قدوة لشعوب العالم، معتبراً أن من يُعاديها يعادي الإسلام وهذا ما يتفق فيه مع كل قادة الحركات المتطرفة بمن فيهم زعيم داعش أبوبكر البغدادي.

ومن هنا تخلص الدراسة إلى إمكانية اعتبار الإخوان وإيران الركيزتين المهمتين في نشأة الجماعات المتطرفة؛ فإليهما تعود كل الأصول الفقهية والتنظيمية، ومنهما استقت كل الجماعات الدينية المتطرفة والمسلحة أفكارها، وكل هذه التنظيمات إما أنها تعمل تحت لواء وأفكار الإخوان، أو أنها تعمل بدعم إيران.

وتنظيم الإخوان كان بمثابة الجماعة الملهمة لكل الجماعات المسلحة سواء ذات الخلفية السنية مثل القاعدة وداعش أو ذات الخلفية الشيعية، فمرشد إيران الأعلى علي خامنئي قام بترجمة كتاب القيادي الإخواني الراحل سيد قطب “في ظلال القرآن” باللغة الفارسية ونشرته مؤسسة الثورة الإسلامية للثقافة والأبحاث

ووفق الدراسة، أخد آية الله الخميني تصوره للدولة الإسلامية في إيران من الإخوان التي خرج من رحمها عدد من الجماعات والميلشيات المسلحة مثل، حزب الله، العراقي واللبناني، والحركة الحوثية، حيث مثلت كتب منظر الإخوان وأحد أهم قادتها، قطب، الملهم الأول لمؤسسي إيران ما بعد الثورة.

وكتابات سيد قطب ظلت الملهم الأول لكل التنظيمات المتطرفة، التي أصلت لأفكارها من خلال ما سطره في كل كتبه سواء “معالم في الطريق” أو تفسير “الظلال” الذي عرف فيه المجتمعات التي لا تؤمن بما يراه بأنها مجتمعات جاهلية، وقسم المجتمع بين فسطاطين، فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، وظلت كتاباته منذ هذا الوقت محفظًا للعنف، وفق الدراسة.

بالإضافة إلى ذلك، يعود التأصيل الشرعي والفقهي للتنظيمات المتطرفة ذات الخليفة السنية، مثل تنظيم القاعدة إلى ما خطه سيد قطب؛ فتنظيمي الجماعة الإسلامية المسلحة في مصر وتنظيم الجهاد ومعهما جماعة “المسلمين” أو ما كانت تُعرف إعلاميًا بجماعة التكفير والهجرة، أفكارها مستقاة مما كتبه الإخوان أو مما ربوا الناس عليه في محاضنهم التربوية.

الدراسة لفتت إلى أن أغلب قادة التنظيمات المتطرفة “إما أنهم كانوا أعضاء في تنظيم الإخوان أو أنهم استقوا أفكارهم منه، أو أنهم أعلنوا جماعتهم بهدف التمايز عن الإخوان أو خرجوا من رحم التنظيم”.

أبوبكر البغدادي وبن لادن

وكان يوسف القرضاوي، أحد منظري الإخوان، قال في وقت سابق إنهم “قالوا له إن أبو بكر البغدادي، أول خليفة لداعش، كان من الإخوان ولكنه استعجل الطريق”.

وهذا لم يكن الاعتراف الأول ولا الأخير بخصوص علاقة الإخوان بالتنظيمات المتطرفة وداعش، فقد سبق واعترف أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، أن أسامة بن لادن، أول زعيم للتنظيم، أبلغه أنه كان من الإخوان، ولكنه انشق عنهم.

هنا ذكرت الدراسة أن “خروج أبو بكر البغدادي وأسامة بن لادن من داخل محاضن التربية الخاصة بالإخوان، هو مصدر إدانة وليست تبرئة، فالإخوان بمثابة الجسر الذي انتقل منه أغلب قادة العنف؛ تربوا داخل تنظيم الإخوان، ثم خرجوا منه لإنشاء تنظيمات دينية متطرفة بعضها عابر للحدود والقارات”.

بل زادت أن “أغلب التنظيمات المتطرفة المحلية أو الإقليمية الموجودة في قارة أفريقيا على سبيل المثال، تعود نشأتها إلى تنظيمي القاعدة وداعش، بعضها نشأ محليًا، وقد ترب على بعض أفكار سيد قطب، ولكنه في النهاية بايعت هذه التنظيمات هاتين التنظيمين الكبيرين، وهنا يبدو الترابط الفكري والتنظيمي كل التنظيمات المشار إليها وبين الإخوان”.

وفي الحلقات المقبلة، تستعرض “العين الإخبارية” جوانب أخرى في الدراسة، تشمل مرحل تطور التنظيمات الإرهابية ومنابع تمويلها وسبل مكافحاتها. 

aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى