اخبار لايف

السودان يفتح ذراعيه لروسيا وإيران.. ماذا يريد البرهان؟


مع تصاعد نيران المعارك في البلاد، يتجه السودان وروسيا بخطى متسارعة لتعزيز علاقاتهما الاستراتيجية.

وتأتي أحدث صور هذا التعاون في بناء مركز لوجستي على شاطئ البحر الأحمر، مقابل إمدادات عاجلة بالأسلحة والذخائر الروسية، بموازاة انفتاح أكثر في العلاقات بين الخرطوم وإيران.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

تعاون روسيا والسودان

وأعلن ياسر العطا عضو مجلس السيادة السوداني مساعد قائد الجيش توقيع السودان وروسيا سلسلة من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية في غضون الأسابيع المقبلة، بما في ذلك إنشاء مركز دعم لوجستي للجيش الروسي على البحر الأحمر.

وفي نهاية أبريل/نيسان الماضي، اقترح المبعوث الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف، خلال زيارة إلى بورتسودان، تقديم مساعدات عسكرية للجيش السوداني مقابل تطبيق الاتفاق الخاص بإنشاء محطة لوجستية للقوات البحرية الروسية في المدينة الذي وقع في عهد الرئيس المعزول عمر البشير.

وقال العطا في تصريحات إعلامية: “اقترحت روسيا التعاون العسكري من خلال مركز دعم لوجستي، وليس قاعدة عسكرية كاملة، مقابل إمدادات عاجلة من الأسلحة والذخائر.”

وأكد موافقتهم على العرض وتقديم اقتراح تطوير التعاون ليشمل الجوانب الاقتصادية في شكل شراكات زراعية وشراكات في التعدين والذهب والموانئ والتصنيع الزراعي.

وأوضح أن موسكو وافقت على الطلب وسيغادر وفد عسكري سوداني إلى روسيا خلال الأيام القليلة المقبلة، يليه وفد وزاري بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، ليعقب ذلك توقيع رئيس المجلس قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على اتفاقية شراكة بين البلدين.

وعبر الفريق العطا شخصيا عن عدم اعتراضه على إنشاء المحطة البحرية الروسية، قائلا: “هذا ليس عيبا على الإطلاق”، مؤكدا أن السودان مستعد لإبرام اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، مع إعطاء الأولوية لمصالح السودان فوق كل شيء”، على حد تعبيره.

صراع المحاور

تعليقا على ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي عباس عبدالرحمن إن مساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا أراد إرسال رسالة للداخل والخارج مفادها أن الحكومة تحولت شرقا نحو روسيا والصين وإيران.

وأوضح عبدالرحمن، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن الجنرال ياسر العطا مهد برسائله إلى صراع آخر في حرب السودان تتداخل فيه القوى الدولية الباحثة عن مصالحها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وروسيا والصين وإيران من جهة أخرى.

وفي مايو/أيار 2019، كشفت موسكو عن بنود اتفاقية مع الخرطوم، لتسهيل دخول السفن الحربية إلى موانئ البلدين.

وصادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على إنشاء قاعدة بحرية في السودان قادرة على استيعاب سفن تعمل بالطاقة النووية، وفق موقع قناة “روسيا اليوم” (حكومية).

وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، نشرت الجريدة الرسمية الروسية نص الاتفاقية حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على البحر الأحمر، لـ”تعزيز السلام والأمن في المنطقة”، وفق الجريدة.

وتنص الاتفاقية على إقامة منشأة بحرية روسية قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، واستيعاب 300 عسكري ومدني.

ويمكن للقاعدة استقبال 4 سفن حربية في وقت واحد، وتُستخدم في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين لأفراد أطقم السفن الروسية.

حاجة جيش السودان للسلاح الروسي

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي الطيب إبراهيم إن الجيش السوداني حاليا يحتاج بشدة للدعم العسكري الروسي، وإمدادات سريعة من الأسلحة والذخائر، مقابل حصول روسيا على إنشاء مركز دعم لوجستي للجيش الروسي على البحر الأحمر.

وأوضح إبراهيم، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن التعاون المرتقب بين الخرطوم وموسكو ربما يشمل تدريبا عسكريا وخبراء فنيين لترجيح كفة الجيش السوداني في الحرب.

واعتبر أن تلك “الخطوة ربما تخلق مشكلات وأزمات دبلوماسية مع الدول المؤثرة في العالم”، وفقا له.

ويتمتع السودان بساحل على البحر الأحمر يمتد على مسافة تتجاوز 700 كلم، ويوجد عليه ميناء بورتسودان، الميناء الرئيسي للبلاد ويمثل منفذا بحريا استراتيجيا لعدة دول مغلقة ومجاورة مثل تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان.

كما يقع السودان في منطقة تتسم بالاضطرابات بين القرن الأفريقي والخليج العربي وشمال أفريقيا، ما يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لمصالح روسيا وأمريكا في هذه المنطقة الحيوية.

التقارب السوداني الإيراني

وخلال زيارته إلى العاصمة الإيرانية طهران، التقى وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض علي، في 26 مايو/أيار الجاري، الرئيس الإيراني المكلف بإدارة شؤون الدولة محمد مخبر، إذ قدّم له التعزية باسم رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان والوفد المرافق لهما بحادثة تحطم طائرة المروحية الأسبوع المنصرم.

وقدم وزير الخارجية السوداني، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية اطلعت عليه “العين الإخبارية”، شرحا لطبيعة الأوضاع في السودان بكل أبعادها.

وأكد الرئيس الإيراني، وفقا للبيان، اهتمام طهران بعودة الاستقرار والهدوء إلى ربوع السودان، وأعلن استعدادهم لتقديم أي مساعدات في هذا الجانب.

كما التقى وزير الخارجية السوداني، القائم بأعمال وزارة الخارجية الإيراني علي باقري، حيث عقد الجانبان جلسة مباحثات مشتركة تناولت سبل انطلاق التعاون بين البلدين بقوة في شتى المجالات، بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما مؤخرا وشروعهما في فتح السفارتين من جديد.

وطبقا لبيان صادر عن الخارجية السودانية، اطلعت عليه “العين الإخبارية”، فإن الجانبين اتفقا على استعجال إكمال فتح سفارتي البلدين بقيادة سفيري كل منهما لدى الآخر، للمساهمة في دفع عجلة العلاقات بين البلدين بوتيرة سريعة على أعلى المستويات.

تاريخ العلاقات

وفي يناير/كانون الثاني 2016، وخلال حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989- 2019)، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين لسفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بتهمة الإرهاب.

وقبل قطع العلاقات بين البلدين، كانت العلاقات بين الخرطوم وطهران وثيقة، وكانت الأخيرة مصدرا للأسلحة إلى الأولى منذ تسعينيات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون عسكرية ودفاعية بالإضافة إلى مشاريع مشتركة.

وفي يوليو/تموز 2023، عقد أول لقاء بين وزيري خارجية السودان وإيران على هامش اجتماع وزراء خارجية دول “حركة عدم الانحياز” بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وأعلن الوزيران في ذلك اللقاء “استئنافا وشيكا للعلاقات بين البلدين”، ليعلنا رسميا في 9 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، قرار استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد قطيعة 7 سنوات.

بعد ذلك الوقت، وعلى هامش القمة المشتركة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بالرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، التقى الرئيس الإيراني السابق برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وبحثا تعزيز العلاقات بين البلدين.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA=

جزيرة ام اند امز

GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى