اخبار لايف

الكبير ثقافة شعوب وأصالة قيم


السبت 01/يونيو/2024 – 01:06 ص

تعارف الناس في المجتمعات العربية حتى قبل ظهور الإسلام على إعلاء وتوقير الكبير، حتى انتشر بين الناس مثلا شعبيا رسخ في عمق الوجدان العربي وهو: (الذي ليس له كبير يشتري له كبير)، وزاد المجتمع العربي في ظل الإسلام من إعلاء قيمة الكبير، إذ إنه لا يعتقد أن يوجد أحد في المجتمعات الإسلامية التي تحافظ على العادات والتقاليد الممزوجة بالعقيدة الإسلامية، إلا واحترم رأي الكبير، فوجود الكبير في  الحياة العربية إلى وقتنا هذا من الدلالات القاطعة على ارتباط الإنسان العربي بتاريخه وموروثه الأصيل، خصوصًا وأن صحابة النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، عرفوا للكبير مكانته، وهو ما يشجع على أن يكون للكبير حضور قوي في المجتمعات العربية والإسلامية.

فالكبير هو الإنسان الذي وصل لدرجة عالية في العلم أو الحكمة أو الدراية، فهناك الكبير في السن وهناك الكبير في المنصب والكبير في المكانة الاجتماعية.

ففي الماضي كان الكبير ثقافة شعب ومنهج مجتمع، والكبير كان في الماضي شعار حياتنا، وعبارة: (كلام الكبير لازم يصير) لم تأت من فراغ، بل كانت تعتمد على أساس وركيزة من مبادئ سادت مجتمعاتنا وقتها، وخاصة في المجتمع القروي والريفي، ومع تطور الحياة والتأثر بالثقافات الواردة لنا من مجتمعات أخرى لا تراعي للكبير قيمته، مات تأثير الكبير بل اختفى وجوده حتى صرنا نسمع عبارة: (كل إنسان كبير نفسه!)، رغم وجود توجيه نبوي بضرورة احترام الكبير والاعتراف بمكانته، إلا أن هذا الأمر أصبح لدى شباب اليوم من ثقافة الماضي، التي ذهبت معه، فتغيرت القيم وانتكست المبادئ، حتى تطاول الصغار على الكبار.

ففي الماضي كان لكل قرية كبير، بل لكل عائلة كبير، يرجع إليه في أخذ الرأي والمشورة فيما يستجد على القرية أو العائلة من أمور حياتية، وبعد أن تخلى الناس عن الكبير زادت الخلافات، وتضخمت الانقسامات وتشعبت الآراء، واضطربت الأوضاع وكثرت الحوادث، التي لم نكن نسمع بها في الماضي، وتهدت أركان القرى وأساسات البيوت، وبعدنا كل البعد عن القيمة والقامة التي كانت تأسس لحياة تراعى فيها القيم والمبادئ، وتتراحم فيما بينها الشعوب العربية، وتسود وتعلو القيم الإنسانية التي تصبح فيها الدول العربية في تعايش مجتمعي سلمي، يحقق الأمن والأمان والاستقرار لشعوبها.

فمتى يعود دور الكبير لشعوبنا من جديد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى