اخبار لايف

«النهضة» التونسية تتجه لتبديل اسمها.. تغيير للجلد واللون واحد


هل يمكن للثعبان أن يتخلى عن سمه حين ينسلخ عن جلده ويرتدي عباءة مختلفة للتمويه عن أصله؟

هذا ما يحاول إخوان تونس عبثا القيام به في ذروة أزمتهم واختناقهم بين فكي الرفض الشعبي والانشقاقات الداخلية.

حركة النهضة الإخوانية في تونس أدركت أن اسمها بات بمثابة الكابوس الذي يعيد للتونسيين أسوأ محطاتهم في التاريخ الحديث، وتحاول التخلص من هذا الانعكاس عبر التخلي عن اسم تحمله منذ أكثر من 3 عقود.

وفيما لا يغير الثعبان جلده كاملاً ويكتفي بالتخلص من طبقة واحدة منه فقط، تخطو الحركة الإخوانية على نفس أسلوبه أملا في أن تنجح الخطوة في إسقاط العشرية السوداء من أذهان التونسيين.

ويخطط إخوان تونس للترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر/ تشرين أول القادم، وتريد التنصل من اسمها الذي يذكر التونسيين بالماضي الأسود وسنوات الإرهاب والظلام.

وبحسب الأمين العام للحركة، العجمي الوريمي، فإنه” سيتم تغيير اسمي حركة النهضة ومجلس الشورى وذلك في إطار القيام ببعض المراجعات التي تتماشى مع المرحلة الحالية ومتطلّباتها”.

وزعم أنّ “قرار تغيير التسمية جاء تأكيدا لحرص الحركة على العمل في إطار الشرعية القانونية وفي إطار التقيّد بقانون الأحزاب”.

كما ادعى أن “الاسم الجديد لحركة النهضة يجب أن يعبّر على المرحلة التاريخية والأهداف السياسية للحزب”، مرجحا أن يحمل مجلس الشورى مستقبلا اسم  “المجلس الوطني”.

“مخاتلة سياسية”

يرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن اعتزام حركة النهضة تغيير اسمها واسم مجلس الشورى التابع لها يأتي في مسعى للتخلص من ارتباطاتها الإخوانية وخوفا من الحظر والحل.

وفي يوليو/ تموز الماضي، أصدر البرلمان التونسي عريضة لحل الحركة الإخوانية وتحويلها إلى حزب محظور وتصنيفها إرهابية.

وتعقيبا على التطورات، يرى المحلل السياسي التونسي مختار الخلفاوي أن نية حركة النهضة في تغيير اسمها تستهدف التعرف على موقف الرأي العام وأنصارها من هذا القرار.

وقال الخلفاوي، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إنه “لا يوجد قرار نهائي عن تغيير اسم حركة النهضة”، موضحا أن الحركة تعيش محنة سياسية وتم النقاش في تغيير الاسم خلال مؤتمرها لعام 2016”.

ولفت إلى أنه “تم حينها الإعلان لاحقا عن قرار  الفصل بين السياسي والدعوي، لكن حركة النهضة لم تفصل بين السياسي والدعوي مثلما تم الإعلان عنه”.

وبحسب الخبير، فإن “نية الوريمي تغيير اسم الحركة هو نوع من المخاتلة السياسية من خلال الادعاء بالمراجعة الفكرية وهي لن تقع أبدا مثلما حصل بمؤتمر الحركة في 2016”.

وتابع أن “الإعلان عن تغيير الاسم هو نوع من التقية السياسية من أجل تغيير الثوب الخارجي للحركة لا غير”.

من جهة أخرى، اعتبر الصحبي الصديق المحلل السياسي التونسي إن إعلان الوريمي عن نيته لتغيير اسم الحركة هو مجرد مناورة سياسية خاصة وأن النهضة عرفت بأسلوبي المناورة وازدواجية الخطاب.

وبقول الصديق، لـ”العين الإخبارية”، أن “النهضة تريد من خلال إثارة قضية تغيير الاسم العودة إلى الواجهة، إضافة للقطع مع ذاكرة العشرية السوداء، حيث تعتقد أنه بتغيير الاسم ستتغير نظرة التونسيين للحركة، في حين أن الشعب سئمها إثر اكتشاف جرائمها ولونها الحقيقي”.

وأشار إلى أن هذا التغيير في حركة النهضة، سيكون في حال تحقق، نابعا من شخصية الإخواني العجمي الوريمي وهو أستاذ فلسفة ومعروف بالتلون والانحناء، ويؤمن برص الصفوف وتجميع أنصار الإخوان.

وبالنسبة له، فإن “الوريمي يخشى حل الحركة وحظرها، ويعتقد أنه بعد الزج بقياداتها البارزة والمورطة في الجرائم الإرهابية وتبييض الأموال والسرقة والتآمر والتخابر، فإنه على الحركة يجب أن تغير اسمها من أجل بث روح جديدة للحزب”.

وللإشارة، فإن الوريمي يعد من أبرز الداعين إلى تغيير جلد حركة النهضة من حزب إخواني إلى مدني، ما دفع الحركة لأن تعلن عام 2016 أنها حزب مدني، وأنها تخلت عن انتمائها لتنظيم الإخوان، وزعمت أنها تحترم مدنية الدولة لكن على أرض الواقع كرست النهضة أساليبها الإخوانية.

وبعد سجن رئيس حركة النهضة وزعيمها التاريخي راشد الغنوشي بتهم إرهابية قبل أشهر، تم تعيين المنذر الونيسي رئيسا مؤقتا لهذا الحزب في مايو/أيار الماضي، إلا أن هذا التعيين لم يدم طويلا، فقد تم سجن الونيسي في سبتمبر/أيلول الماضي بتهمة التآمر على أمن الدولة.

وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت حركة النهضة تعيين العجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي ونائب رئيس الحركة، أمينا عاما جديدا لها.

السم واحد

تأسست حركة النهضة في أبريل/نيسان 1972 بشكل سري باسم “الجماعة الإسلامية”، وشارك في تأسيسها راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والمنصف بن سالم، والتحق بهم فيما بعد كثيرون منهم علي العريض.

وأقامت بشكل سري مؤتمرها التأسيسي الذي صادقت فيه على قانونها الأساسي.

وفي 9-10 أبريل/نيسان 1981، أقامت الحركة -وبشكل سري أيضا- مؤتمرها الثاني في مدينة سوسة التونسية، وقررت الخروج من السرية إلى العلنية، وتغيير اسم الجماعة من “الجماعة الإسلامية” إلى “حركة الاتجاه الإسلامي”.

وفي 6 يونيو/حزيران 1981، عقد راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو مؤتمرا صحفيا أعلنا فيه عن الحركة بصفة رسمية وعلنية، وتقدمت في اليوم نفسه بطلب الترخيص القانوني، والذي قوبل الطلب بالرفض، واعتقلت السلطات التونسية قياداتها في شهر سبتمبر/أيلول 1981.

واستفادت الحركة من وصول زين العابدين بن علي إلى الحكم في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، فأفرج عن أغلب أعضائها.

وغيرت اسمها إلى “حركة النهضة” عام 1989، وتقدمت بطلب الترخيص القانوني الذي قوبل بالرفض من السلطة، فتوترت العلاقة معها، وغادر الغنوشي البلاد في 28 مايو/أيار 1989 إلى الجزائر ثم إلى بريطانيا إلى أن عاد الى تونس سنة 2011 إثر سقوط نظام زين العابدين بن علي.

aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى