اخبار لايف

الورقة الأمريكية – الفرنسية لوقف الحرب في لبنان «تحرقها نيران غزة»


تظل الحرب في غزة معضلة الترتيبات والجهود الديبلوماسية الجارية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.

تلك العقبة واجهتها خطة أمريكية فرنسية لوقف الحرب في لبنان، ندعو إلى وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان، مع استئناف المفاوضات بشأن صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

وانشغلت أروقة الجمعية العامة الأمم المتحدة، المنعقدة في نيويورك، بمباحثات مارثونية لوقف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، لئلا يتحول إلى حرب إقليمية شاملة.

وحسب الخطة الأمريكية الفرنسية، سيقوم المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، بجولات مكوكية بين لبنان وإسرائيل إلى حين الوصول إلى اتفاق وتفاهم شامل، على أن تتضمن الهدنة المؤقتة، وقفًا تامًا لجميع العمليات العسكرية، بما في ذلك تحليق الطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية، والعمل على تخفيض العمليات العسكرية في البداية، وصولا إلى وقف كامل لإطلاق النار، مع توفير ضمانات حول إعادة الإعمار وعودة السكان إلى منازلهم، وبعدها فتح مسار ترسيم الحدود البرية، مع تعزيز قدرات الجيش اللبناني وإنشاء أبراج مراقبة، وعدم حصول أي تحركات أو تعزيزات عسكرية لصالح حزب الله.

وتضع الورقة هدفا بالوصول إلى صيغة مقبولة من غالبية الأطراف لتطبيق القرار 1701، وانسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني.

لكن تلك المقترحات يبدو أنها ستذهب في “مهب الريح” في ظل استمرار الحرب في لبنان، حسب عدد من الخبراء العرب استطلعت “العين الإخبارية” آراءهم.

وأشاروا إلى “نفس سيناريو مسار غزة، واستمرار محاولات إسرائيل لكسب مزيد من الوقت من أجل القضاء على قدرات حزب الله، وتغيير الوضع القائم على الحدود، وإبعاد عناصر الحزب لما وراء نهر الليطاني”.

وقال الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني العميد خالد حمادة، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن الورقة الفرنسية – الأمريكية سرعان ما اصطدمت بمجموعة من التصريحات الإسرائيلية واللبنانية، مضيفا أن الأمريكيين يبدو أنهم قذفوا بهذه الورقة فقط “للقول بأن هناك اهتماما دوليا بوقف إطلاق النار في لبنان”.

ورأى الخبير اللبناني، إن “هذه الورقة ولدت ميتة بالدرجة الأولى، ولن تؤدي إلى شيء لأنها مرفوضة من جميع الأطراف”، لافتا إلى أن “الحروب التي تخاض الآن في المنطقة تسعى لتحقيق أهداف سياسية لم تتحقق بعد”.

وأشار حمادة إلى تراجع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، عن كونه جزءا من هذه الورقة، وقال: “تم هذا بضغط من حزب الله؛ لأن الحزب يرفض أي حديث عن القرار 1701 أو وقف إطلاق نار لا يتزامن مع وقف الحرب بغزة”.

ولا يعتقد حمادة أن يختلف المسار في لبنان عن غزة، قائلا: “إذا كان التفاوض في غزة قد بدأ منذ عشرة أشهر ولم يؤد إلى أية نتيجة، فكيف سيسفر التفاوض بخصوص لبنان عن نتيجة في غضون أيام قليلة؟”.

ورجح الخبير اللبناني، دخول المنطقة برمتها إلى مزيد من العنف، وقال: “نحن في لبنان تجاوزنا نقطة اللاعودة والحرب مستمرة ربما لجولات قد تمتد لأسابيع، إلا في حال طرأ أي تغيير على المواقف الإقليمية والدولية”.

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد أن ‏الأنباء عن وقف إطلاق النار مع حزب الله غير صحيحة، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء لم يُعطِ رده على مقترح التهدئة الأميركي الفرنسي.

كما نفى المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة اللبناني، توقيع ميقاتي المقترح، وقال في بيان: “هذا الكلام غير صحيح على الاطلاق ونذّكر بما كان أعلنه (ميقاتي) فور صدور النداء المشترك بمبادرة من الولايات المتّحدة وفرنسا، وبدعم من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، لإرساء وقف موقت لإطلاق النار في لبنان، حيث قال رئيس الوزراء: نرحب بالبيان وتبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية”.

ولا يعتقد الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، “هدنة في الأفق القريب”.

وقال عبد الفتاح، في حديث خاص لـ”العين الإخبارية” : “لا هدنة قريبة في الطريق، لأن نفس المنهج الأمريكي والأوروبي المتبع في موضوع غزة، لا يزال قائما في الحالة اللبنانية، فالإدارة الأمريكية فاقدة لأي تأثير على نتنياهو وكذلك الأوروبيين”.

ولا يتصور الخبير السياسي المصري، أن تفضي التحركات الأمريكية والفرنسية إلى نتيجة؛ حيث إن المطلوب بشكل عاجل هو الضغط على نتنياهو لوقف العدوان، وليس تقديم مقترحات يعلم الجميع أن الأخير لن يوافق عليها.

ويضيف: “نحن ماضون في نفس مسار غزة، والمتمثل في كسب الوقت حتى يستطيع أن يتم نتنياهو مهمته قبل اختيار الرئيس الأمريكي الجديد”.

بدوره، يقول المحلل السياسي والباحث في مركز “تحليل السياسات” من إسطنبول محمود علوش، في حديث لـ “العين الإخبارية”، إن “التحرك الأمريكي الفرنسي السريع لوقف التصعيد يعكس بدرجة أساسية استشعار مخاطر انزلاق المواجهة بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب إقليمية”.

لكن “علوش” يرى أن إدارة بايدن عجزت على مدار عام في الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب على غزة، ولا تبدو قادرة الآن على إقناع نتنياهو بوقف التصعيد على الجبهة اللبنانية؛ لأن الفترة القليلة المتبقية للانتخابات الأمريكية لا تُساعدها في ممارسة نفوذ كبير على تل أبيب.

وأضاف: “باريس بطبيعة الحال لا تمتلك وسائل التأثير الكبير على إسرائيل باستثناء تواصلها مع حزب الله والإيرانيين”.

وفي تقدير علوش، فلا زلنا في بدايات الحرب بين إسرائيل وحزب الله، قائلا: “في الوقت الراهن، لا تبدو فكرة التسوية السريعة ملائمة لإسرائيل، وإن أبدت انفتاحها عليها بهدف شراء المزيد من الوقت من أجل مواصلة الحرب كما فعلت في غزة؛ لأنها تعتقد أن فرض إيقاعها على الحرب يُساعدها في إلحاق أكبر ضرر بحزب الله، وتغيير الوضع القائم على الحدود، وبالتالي فرض شروطها في أي تسوية في المستقبل”.

وقال علوش: “التسوية السريعة مثالية لحزب الله للحد من تكاليف حرب الاستنزاف عليه، ولتجنب الحرب الشاملة، لكنّ في نفس الوقت لا تكون تسوية بشروط إسرائيلية، حيث لن تقل سوءًا عليه من خيار الحرب الشاملة”.

وأضاف: “يبدو أن رهان حزب الله يقوم حاليا على الصمود في حرب طويلة الأمد؛ لمحاولة فرض تسوية متوازنة لا تمنح إسرائيل نصراً واضحاً وتمنعها من إحداث تغيير جزئي أو كبير على الوضع القائم على الجبهة”.

ويقول المحلل السياسي والباحث في مركز “تحليل السياسات” من إسطنبول محمود علوش، لـ«العين الإخبارية»، إن “التحرك الأمريكي الفرنسي السريع لوقف التصعيد يعكس بدرجة أساسية استشعار مخاطر انزلاق المواجهة بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب إقليمية”.

ودعت الولايات المتحدة وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية والعربية، الخميس، إلى وقف لإطلاق النار على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان لمدة 21 يوما، كما عبروا عن دعمهم لوقف لإطلاق النار في غزة، وفقا لبيان مشترك للدول أصدره البيت الأبيض.

وجاء في بيان مشترك صادر عن الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، أن “الوضع بين لبنان وإسرائيل منذ الثامن من أكتوبر 2023 لا يحتمل ويشكل خطرا غير مقبول لتصعيد إقليمي أوسع نطاقا، لذلك فإننا ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل لإتاحة مساحة للدبلوماسية نحو التوصل إلى تسوية دبلوماسية”.

ويرى الخبير التركي، أن الدعم الواسع للمبادرة الأمريكية والفرنسية لا سيما من قبل دول عربية وازنة كالإمارات والسعودية يضفي عليها بُعداً إقليمياً ويمنحها زخماً عربياً، ولا يُمكن لأي مبادرة أن تكون قادرة على التأثير في مسار الصراع بدون انخراط عربي فيها.

مع ذلك، يؤكد “علوش” أن نجاح المبادرة يتوقّف أولا على مدى قدرة الولايات المتحدة في ممارسة نفوذها على إسرائيل لتغليب مزايا التسوية، على الاندفاع في تصعيد الحرب، وثانياً على استجابة حزب الله ومن خلفه إيران لها.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى