اخبار لايف

بنتين من مصر.. للأسف


الأحد 02/يونيو/2024 – 05:25 م

“خايفة تأخير جوازي يخليني أضعف وألجأ لزواج المسيار أو العرفي.. الزنا المتغطي”، جملة عابرة مرت من على مسامعي، ولكن بالطبع لم يكن مرور الكرام، استوقفتني قسوتها، إذا نظرت لقائلتها بعين القاضي، ستحكم عليها أبشع الأحكام، وإذا نظرت لها من منظور أن كل ابن آدم خطاء، ستتعاطف معها ومع كل سيدة تعاني تأخر الزواج، تعيش أيامها من منطلق “وأقول بس هصبر يمكن أنول..”.

لتأتي جملة أخرى وتمر عليّ من المنبع ذاته، “إحنا في مجتمع وصل به الفجر إن روح الإنسان اللي هي سر عظمة ربنا مبقاش ليها قيمة”، لأقف لحظات، وأبدأ في الربط بين الأولى والثانية، لأجد أن ما كانت تعاني منه صاحبة المقولة الأولى، لم يكن فقط الحرمان الجنسي والعاطفي، وإنما يزاد عليه ضغوط المجتمع هنا وهناك، على الجميع بشكل عام، وعلى السيدات والفتيات بشكل خاص، حقا لست من مناصري المرأة المهووسين بحقوقهن بمبالغة، بل أرى أن المرأة حصلت على جزء كبير مما تستحقه بهذا المجتمع، ومع ذلك ما زال هناك فارق كبير جدا، بين ما تستحق بشكل كامل، وبين ما هي آخذة بالفعل.

وها هو حال المجتمع، الذي لا يتغير ولا يجدد من نفسه، ثابت على موقفه، لا يكل ولا يمل مواطنوه من ترديد عباراتهم السخيفة والتدخل بشؤون غيرهم، فكتبت سمة التغيير على كل شيء خلقه الله في أرضه، ولم تحظ عقول البشرية بنصيب منه، فلا تزال المرأة غير المتزوجة -لأسباب عدة ومختلفة-، موصومة بالعار والخزي.

أصبحنا نعاصر عام 2024، العصر الذي نشهد به جميع أنواع التطور في مختلف المجالات، ولكن للأسف الخارجية فقط، وأما عن نفوسنا الداخلية؟.. صفر، بالطبع لم تقترب من حافة التطور شيئا، فلم يكتفِ المجتمع بالصراعات الداخلية اليومية التي تعيشها تلك الفتيات مع أفكارهن السوداوية، الخوف من فوات الأوان، وما يسمى بـ -قطر الزواج-، وعندما يفوت بالفعل، يأتي الخوف من عدم استخدام غريزة الأمومة التي وضعت بداخلهن منذ ولادتهن، وما شابه من وحوش خارجية تتمثل في نظرات المجتمع لهن.

وبالتأكيد لن تسلمي من الوحش الأكبر والأعظم.. المصطلح المفضل للغالبية العظمى.. “عانس”، فلم يختلق مواطنو هذا العفن المسمى بـ المجتمع، كلمة في قاموسهم العامي أسخف من تلك، وصدق أو لا تصدق، ما زال وقعها على أي فتاة هو ذاته، فلم يخفف وطأتها مرور تلك السنوات على إطلاقها وصدورها في الأسواق.

وإذا أردنا حصر عدد الفتيات صاحبات النصيب الأكبر في المعاناة مع تلك الحياة، نجد أنه حسب آخر إحصائية أجريت في عام 2022، اتضح أن هناك 11 مليون فتاة تجاوزن الـ 35 عاما ولم يتزوجن بعد، وبالطبع الأمر في تزايد مستمر لأسباب عدة، منها الاقتصادية ومنها النفسية والاجتماعية، فبالتأكيد لا حاجة لأي فتاة حاليا لأي ضغط خارجي، حقا يكفي ما هي تعانيه بالفعل.

وفي حال نسياني ذكر سبب شرارة وصلة السخط على المجتمع هذه، التي بدأتها ولا أعرف كيف أنهيها، فهي كاميرا محمد أمين الواقعية الخفية، التي رصد بها حقائق مريعة، جسّدها في هيئة فيلم سينمائي، منعتني أمي من مشاهدته طوال السنوات الماضية، لم أتفهم سبب منعها، ولأن الممنوع مرغوب، شاهدته مؤخرا، بأعين واعية وأذن صاغية، وهنا علمت مبرراتها بشكل واضح وجلي، فربما السبب هو أنه: بنتين من مصر.. للأسف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى