اخبار لايف

تصدير حرب غزة للضفة.. نتنياهو بفخ «توقيت ملغوم»


توقيت ملغوم اختارته إسرائيل لإطلاق عمليتها بالضفة الغربية، تفوح منه رائحة تصدير لحرب غزة أملا في الهروب من الضغوط.

هذا ما يعتقده محللون ممن يحاولون فهم الثغرة الحاصلة بين الأحداث والتطورات في أروقة حكومة بنيامين نتنياهو، والتي قد تكون دفعت الأخير للهروب لكن إلى الأمام.

فحتى وقت قريب. كانت جل التوقعات تشير إلى أن إسرائيل لن تمر إلى إطلاق العمليات العسكرية الواسعة في الضفة الغربية إلا بعد انتهاء الحرب على غزة.

ولكن، وعلى نحو مفاجئ، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية لا تزال متواصلة في شمالي الضفة الغربية مع استمرار الحرب على غزة.

وثمة تفسير لما يجري وهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد، من ناحية، توجيه الأنظار عن عرقلته التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

ومن ناحية ثانية، يسعى لإرضاء اليمين المتشدد في حكومته، والذي يضغط لتنفيذ عملية عسكرية تحديدا في شمالي الضفة الغربية.

فقد استعجل اليمين الإسرائيلي المتشدد تفجير الأوضاع في الضفة الغربية تارة من خلال تصريحات متطرفة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عن صلاة اليهود في المسجد الأقصى وإقامة كنيس بالمسجد.

وتارة أخرى، من خلال تصعيد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية.

وكان تفجر انتفاضة في الضفة الغربية رغم الحرب على غزة قد نال استحسان العديد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

ولذلك، سعت واشنطن للحفاظ على استمرار الوضع الهادئ نسبيا بالضفة تارة من خلال إدانة تصريحات بن غفير، وتارة أخرى من خلال فرض عقوبات على غلاة المستوطنين الذين يقومون بهجمات عنيفة ضد الفلسطينيين.

ولكن اليمين المتطرف ممثلا في بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، مدعومين بمتشددين في حزب “الليكود” الذي يقوده نتنياهو، دعوا صراحة إلى القيام بعمليات عسكرية في شمالي الفضة الغربية.

كما سعوا لتفجير الأوضاع من خلال قرارات سموتريتش إقامة 5 مستوطنات جديدة بالضفة الغربية ودعم عنف المستوطنين.

تطورات ميدانية

دخلت العملية العسكرية الإسرائيلية في شمالي الضفة الغربية يومها الرابع وتتركز في محافظة جنين.

وتظهر مقاطع الفيديو التي ينشرها مواطنون في داخل المحافظة تخريبا كبيرا للشوارع والبنى التحتية وهدما لمنازل مع إخلاء العديد من العائلات من منازلها وتنفيذ عمليات اغتيال واعتقال.

وتنتشر الآليات العسكرية الإسرائيلية في المحافظة، وتحديدا بمخيم جنين، فيما ينتشر القناصة على أسطح المنازل، فيما تشهد المنطقة اشتباكات متفرقة بين الجنود ومسلحين من مختلف الفصائل الفلسطينية.

وأشارت القناة الإخبارية 14 الإسرائيلية إلى أنه تم اعتقال 17 فلسطينيا وتدمير عشرات العبوات الناسفة ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة.

«المخيمات أساسا»

يقول المحلل السياسي الفلسطيني فراس ياغي، إن “الأهداف التي يتحدث عنها الجانب الإسرائيلي تندرج ضمن محاولة ما يسميه كبت المقاومة ومنع انتشارها بالضفة الغربية”.

واستدرك ياغي، في حديث لـ”العين الإخبارية”: “ولكن هذا الكبت سيؤدي إلى زيادة العمليات كما لاحظنا بالأمس بالعملية التي حدثت في جنوب الخليل”.

وأضاف: “ثانيا، هم يقولون إنهم يريدون القضاء على المسلحين ولكنهم يعجزون عن القيام بذلك وهذا يثبت يوما بعد يوم”.

وتابع: “ثالثا، هم يتحدثون عن سلامة المستوطنين، فهناك مخطط لتوسيع الاستيطان في منطقة شمال الضفة الغربية ولا يمكن إقامة استيطان في تلك المنطقة دون أن يكون هناك قضاء على المسلحين وبالتالي هم يحضرون لذلك”.

وأشار الخبير إلى “الربط الإسرائيلي بين العملية العسكرية وبين اقتراب الأعياد اليهودية في الشهرين القادمين”، قائلا إنهم “يريدون أن يستبقوا هذه الأعياد لمنح المستوطنين شعورا بأنهم سيكونون بأمان في الضفة الغربية”.

غير أنه استدرك: “المخطط الاستراتيجي هو ضمن سياق ومفهوم كيفية وحسم الصراع في القضية الفلسطينية، وبالتالي القضاء على تمثيل الشعب الفلسطيني بتقويض السلطة الفلسطينية، فمن يقوم بهذه العمليات يسعى بشكل ممنهج لتقويض السلطة”.

واعتبر أن “ما تقوم به إسرائيل من تدمير للمخيمات أيضا يندرج في سياق مخطط ديمغرافي وجغرافي أي أن إسرائيل تريد أن تفعل في الضفة كما فعلت في قطاع غزة”.

وأوضح أنها تريد “حشر الفلسطينيين في كانتونات وبالتالي يجب تدمير المخيمات لأنها تمثل الرمزية الحقيقية للقضية الفلسطينية”.

وبناء على ذلك، يقول ياغي، “تبحث إسرائيل عن كيفية تهجير سكان المخيمات ولكن دون أن تطالبهم بالنزوح، فهم يدمرون المخيم ويحولونه لمنطقة غير قابلة للعيش”.

وكانت إسرائيل أطلقت العملية في مخيمات جنين ونور شمس في طولكرم، ومخيم الفارعة في طوباس، وفيما انتهت في نور شمس والفارعة، فإنها مستمرة بقوة في جنين.

«استسلام نتنياهو»

من جانبه، يعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، أن “ما نراه ليس مجرد استسلام نتنياهو القسري لشركائه المتطرفين، بل إن رئيس الوزراء يحبط بكل براعة كل فرصة للتقدم”.

ويقول  هارئيل في مقال تابعته “العين الإخبارية”: “في الوقت الحالي، يبدو أن نتنياهو يريد حربًا أبدية. إنه يريد فوز دونالد ترامب ويأمل في الحصول على ذريعة تمكنه من تأجيل شهادته في المحاكمة المقررة في بداية ديسمبر/ كانون الأول المقبل”.

وأضاف: “كما أنه يتطلع إلى الانتخابات العامة المقبلة التي يريد أن تجري بموعدها المحدد في نوفمبر/تشرين الثاني 2026”.

وتابع: “وحتى ذلك الحين، سيتبنى كل تكتيكات المماطلة التي يمكنه استخدامها للبقاء في السلطة وإحباط إنشاء لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات الحرب”.

وأشار هارئيل إلى أنه “في الطريق إلى الانتخابات التي ستجري بعد أكثر من عامين، يريد نتنياهو إبقاء الشعلة الأبدية للحرب في غزة مشتعلة”.

وفي الوقت الحالي، يفضل تجنب التصعيد الكبير مع إيران وحزب الله في الشمال، وعندما يتعلق الأمر بالرهائن، فإن مقولته المتعلقة بالتحقيقات الجنائية ضده تأتي إلى الأذهان: لن يكون هناك شيء لأنه لا يوجد شيء”.

وبالنسبة للخبير، فإن “استمرار القتال وتوقف المفاوضات لا يعني أن الوضع الإقليمي ثابت. فما زال هناك مجال للتدهور، كما أن الوزير المسؤول عن الأمن الداخلي يواصل إلقاء الأغصان على النار، بن غفير هو الاسم والتحريض هو لعبته”.

وموضحا: “من الصعب أن نقول أين يلحق الضرر الأكبر في استيلائه الوحشي على شرطة إسرائيل، والذي اكتمل بتعيين مفوض جديد بالحجم المناسب تمامًا، أو في جهوده المستمرة لإشعال الحرم القدسي بطريقة قد يكون لها عواقب فورية على القدس والضفة الغربية وربما العالم الإسلامي بأكمله”.

ولفت إلى أن بن غفير يريد: ” التسبب في احتكاك متعمد مع المصلين المسلمين (في المسجد الأقصى)، والتدخل في صلوات المسلمين، واقتحام اليهود وتحصين أنفسهم بالقرب من المساجد”.

وختم بالقول: “مع زياراته المتكررة للحرم القدسي وتصريحاته الاستفزازية، يعمل بن غفير على تصعيد التوتر هناك”.

لا تقدم في المفاوضات

فيما يضغط نتنياهو وشركاؤه من اليمين المتشدد لتفجير الأوضاع في الضفة الغربية، فإن المفاوضات حول الهدنة في غزة تستمر بدون تقدم.

وتقول القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية إن “إسرائيل وحماس بعيدتان عن التوصل إلى اتفاقات”.

وأضافت في تقرير تابعته “العين الإخبارية”: ” معظم فرق العمل الإسرائيلية التي كانت في قطر عادت إلى إسرائيل”.

وتابعت: “من المسائل التي لا يوجد اتفاق بشأنها مسألة السجناء؛ وعلى الرغم من التقارير المختلفة، لم تقدم حماس قوائم محدثة بأسماء السجناء”.

وأردفت: “إلى جانب ذلك ، هناك أيضا قضايا محور فيلادلفيا ونتساريم”.

وأشارت إلى أنه “في الأيام المقبلة، يريد الأمريكيون تلخيص جميع التفاصيل، وتقديمها مع مخطط تسوية آخر لفيلادلفيا ونتساريم، ووضع الجانبين في نقطة حاسمة دراماتيكية”.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى