تيار «ماغا» يتغلغل.. تأثير ترامب يشكل حزبا جمهوريا جديدا
يشهد مؤتمر الحزب الجمهوري المنعقد حاليا في ميلووكي بولاية ويسكونسن الأمريكية تحولات جذرية تكشف عن تغييرات كبيرة تدفع نحو تشكيل حزب جمهوري جديد.
وخلال المؤتمر، تظهر العلامات على تغلغل تيار “ماغا” أو “لنجعل أمريكا عظيمة مجددا” داخل الحزب، مثل الصور الضخمة للرئيس السابق دونالد ترامب وقبعات رعاة البقر واللافتات الحمراء التي تحمل اسم ترامب ونائبه سيناتور أوهايو جي دي فانس.
لكن الأمر لا يقتصر على هذه العلامات الشكلية فالنظر عن قرب يكشف عن التغيير في الحزب الذي أصبح يتبنى بشكل متزايد الشعبوية الاقتصادية في الداخل والانعزالية في الخارج، ويغير موقفه الذي دام عقودًا من قضية الإجهاض، كما أنه لم يعد فقط حذرًا من بعض المصالح التجارية، لكنه تحول إلى معاداتها وذلك وفقا لما ذكرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية في تقرير لها.
ونقل التقرير عن فانس قوله إن الحزب الجمهوري يحتاج إلى “أن يصبح جامحا للغاية، وبعيدا إلى حد كبير”، وهذا بالضبط ما يحدث في مؤتمر ميلووكي.
ولا يقتصر الأمر يقتصر على اختيار فانس، المعروف بمواقفه المعارضة لمساعدات أوكرانيا، والذي قال في وقت سابق “أنا لا أهتم حقاً بما يحدث لأوكرانيا بطريقة أو بأخرى”.
ووفقا لـ”بوليتيكو” فإن الصورة الجديدة للحزب الجمهوري ما هي إلا نتيجة التقاء التغيرات الاقتصادية والديموغرافية والثقافية بما في ذلك الحركة العمالية الصاعدة حديثًا، والتي ينجذب إليها الحزب بشكل متزايد.
لكن هذه النسخة الجديدة من الحزب الجمهوري لا تحظى بإعجاب بعض أعضائه مثل مارك شورت، الذي شغل منصب كبير موظفي نائب الرئيس مايك بنس من عام 2019 إلى عام 2021، والذي قال “أعتقد أن ما نشهده الآن هو هجوم مباشر كامل على التيار المحافظ”.
وأضاف “يمكنك أن تنظر إلى المنصة وهي تبتعد عن قضايا مثل الحياة والزواج التقليدي، وتتبنى في المقابل التعريفات الجمركية في جميع المجالات”.
لكن شورت اعتبر أن الحزب ذهب خلال مؤتمر ميلووكي خطوة إضافية بعيدة، مشيرا إلى بعض المتحدثين الذين أرجعوا الحرب في أوكرانيا إلى أخطاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) ووصف مقدمي فرص العمل بأنهم “خنازير الشركات” مؤكدا أن كل ذلك هو “خروج هائل عما كان عليه حزبنا ولا أعتقد أنه وصفة للنجاح”.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للصدمة بالنسبة لبعض الجمهوريين الأكثر تقليدية هو الخطاب الناري الذي ألقاه رئيس نقابة سائقي الشاحنات شون أوبراين الذي يعد أول سائق يتحدث في المؤتمر الوطني للحزب عبر تاريخه الممتد 121 عامًا.
وفي تصريحاته، تجاوز النزعة الاقتصادية المحافظة التقليدية، منتقدًا “نخبة الشركات”، موضحًا الضرر الناجم عن قوانين الحق في العمل، وهي القوانين التي جرى تمريرها في الغالب في ولايات يديرها الحزب الجمهوري.
قال ديفيد أوربان، المستشار السابق لحملة ترامب لعام 2016، لمجلة “بوليتيكو” إنه نظر إلى مضيفه المشارك على شبكة “سي إن إن”، ديفيد أكسلرود، مستشار باراك أوباما السابق، وسأله بينما كان خارج البث: “هل أنا في المؤتمر الصحيح؟”.
وتركت تصريحات أوبراين بعض المراقبين في القاعة وخارجها غير مرتاحين حتى مع تقبلهم لفكرة احتضان الحزب لقاعدة جديدة من الناخبين الجمهوريين.
ولعدة سنوات، كان الحزب الجمهوري يمر بتغيير جذري كحزب للطبقة العاملة وكل ذلك يدور حول مبدأ “أمريكا أولا”.
ورغم أن ترامب كان يعود في بعض الأحيان خلال رئاسته الأولى إلى الأيديولوجية التقليدية للحزب الجمهوري مثل التخفيضات الضريبية التي أقرها في 2017، إلا أن اختياره لفانس كنائب له هو ما يعزز تغيير مسار الحزب.
ومع ذلك ظهرت بقايا الحزب القديم خلال المؤتمر من خلال نيكي هيلي المرشحة الرئاسية السابقة التي تلقت صيحات استهجان مع صعودها على المسرح لإلقاء كلمتها.
وقالت هيلي “لا يجب أن نكون حزبًا موحدًا فحسب، بل يجب علينا أيضًا توسيع حزبنا”.
وأضافت “نحن أفضل بكثير عندما نكون أكبر.. نحن أقوى عندما نرحب بالناس في حزبنا، عندما تكون لدينا خلفيات وخبرات مختلفة”.
الأمر نفسه تكرر مع حاكم فلوريدا والمرشح الرئاسي السابق رون ديسانتيس الذي تلقى قدرا من صيحات الاستهجان مثل هيلي وهو ما يعكس فكرة أن شخصية ترامب وليس سياساته هو ما يجعله محبوبا لدى القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري.
ويعمل ترامب وحلفاؤه على إقناع الحزب الجمهوري بالابتعاد عن عقيدة الحزب القديمة بشكل أكبر حتى مما كان عليه خلال ولايته الأولى وهو ما يظهر خلال المؤتمر حيث يفتقد البرنامج الحالي أي ذكر للزواج بين رجل وامرأة كما تبنى البرنامج نهج ترامب المتمثل في ترك الإجهاض للولايات.
وقال السيناتور السابق ريك سانتوروم “هذه ليست منصة محافظة.. ترامب يستهدف الوسط مباشرة”.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز