حكاية أمريكي سجنته كوريا الشمالية 39 سنة.. انشق خلال الحرب
خلال فترة الحرب الباردة، لم يتردد عدد من الأمريكيين في التخابر مع الاتحاد السوفيت، بهدف نقل أسرار تكنولوجية وعسكرية لموسكو. وفي الأثناء، تصنف قصة الجندي الأمريكي تشارلز روبرت جنكينز (Charles Robert Jenkins) كواحدة من أغرب قصص الانشقاقات بتاريخ الجيش الأمريكي.
وفي خضم الحرب الباردة، عبر هذا الجندي الأمريكي الحدود بين الكوريتين ليدخل أراضي كوريا الشمالية، حليفة موسكو، حيث ظل محبوساً لفترة قاربت الأربعين سنة.
وبسبب فشله الدراسي وعدم قدرته على إتمام تعليمه الثانوي، التحق تشارلز روبرت جنكينز، المولود يوم 18 فبراير 1940، بالفترة ما بين عامي 1955 و1958 بقوات حرس ولاية كارولينا الشمالية قبل أن يتجه فيما بعد للانضمام لقوات الجيش الأمريكي التي عمل ضمنها كجندي مشاة.
وفي البداية، أرسل تشارلز روبرت جنكينز عام 1960 نحو كوريا الجنوبية حيث عمل ضمن فرقة المشاة الأمريكية السابعة. وبحلول شهر سبتمبر 1961، عاد جنكينز لفترة وجيزة للولايات المتحدة قبل أن يرسل برفقة فرقة المدرعات الأمريكية الثالثة نحو ألمانيا الغربية. وبعد سنوات قضاها بألمانيا الغربية، تطوع هذا الشاب الأميركي للعودة لكوريا الجنوبية. وبحلول العام 1964، وافقت الإدارة العسكرية على طلبه ليرسل بذلك بمهمة ثانية برفقة فوج الفرسان الأميركي الثامن نحو شبه الجزيرة الكورية.
أثناء فترة تواجده بكوريا الجنوبية، حصل تشارلز روبرت جنكينز على معلومات حول استعداد القيادة العسكرية الأمريكية لإرساله، برفقة الفوج الذي عمل لصالحه، نحو فيتنام. وأملاً في النجاة من الحرب بفيتنام، وضع جنكينز خطة اتجه من خلالها لعبور المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين وتسليم نفسه للشماليين. وهناك، آمن جنكينز بإمكانية تقديمه لمطلب لجوء للسوفيت الذين سيقايضونه مع الأميركيين ضمن صفقة تبادل أسرى مستقبلية.
ليلة 5 يناير 1965، عبر تشارلز روبرت جنكينز المنطقة منزوعة السلاح بشكل سريع حاملاً علماً أبيض. وعرف الأخير خيبة أمل كبيرة حيث تبددت أحلامه بالعودة للولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الأولى التي تلت عملية القبض عليه من قبل الكوريين الشماليين.
وبتلك الفترة، اتجهت كوريا الشمالية لاستغلال الحادثة لأغراض دعائية حيث أعلن الراديو الرسمي للبلاد عن عملية فرار جنكينز من الولايات المتحدة الأمريكية بحثاً عن حياة أفضل لدى النظام الشيوعي الكوري الشمالي.
وبكوريا الشمالية، عومل جنكينز بقسوة حيث تعرض للضرب والإهانة وأجبر على حفظ سيرة ومقولات وإنجازات الزعيم الكوري الشمالي كيم إل سونغ (Kim Il Sung). وبحلول العام 1972، منح تشارلز روبرت جنكينز الجنسية الكورية الشمالية وحصل في الآن ذاته على منزل، مسيّج بالأسلاك الشائكة، وتمت مراقبته بشكل وثيق من قبل الشرطة الكورية الشمالية. بحلول العام 1980، أجبر هذا الجندي الأمريكي المنشق على الزواج من الممرضة اليابانية، المختطفة من قبل الكوريين الشماليين، هيتومي سوغا (Hitomi Soga).
عقب توقيع اتفاقية التعاون بين طوكيو وبيونغ يانغ عام 2002، سمح لهيتومي سوغا بمغادرة أراضي كويا الشمالية لزيارة اليابان. ومع بلوغها طوكيو، فضلت الأخيرة عدم العودة لكوريا الشمالية واتجهت في الآن ذاته للاتصال بالسلطات الأمريكية لضمان حصول زوجها على عفو.
عام 2004، سمحت كوريا الشمالية لتشارلز روبرت جنكينز بمغادرة البلاد للقاء زوجته بإندونيسيا. وبفضل ذلك، حصل الأخير على حريته بعد 39 سنة قضاها تحت رقابة مشددة بكوريا الشمالية.
مع عودته للولايات المتحدة، مثل تشارلز روبرت جنكينز أمام المحاكمة خلال شهر نوفمبر 2004. وهناك، أقر بأنه مذنب بالفرار من الخدمة ومساعدة العدو من خلال تدريس اللغة الإنجليزية. وبسبب ذلك، صدر في حقه حكم بالسجن 6 أشهر تم تخفيفه فيما بعد لشهر واحد. فضلاً عن ذلك، خسر جنكينز كل راتبه المتأخر تزامناً مع تخفيض رتبته وتسريحه بطريقة غير مشرفة.
لاحقاً، أطلق سراح جنكينز بعد نحو 25 يوما، كما وافقت السلطات الأمريكية على منحه تعويضا ماديا بسيطا على الوقت الذي قضاه بالخدمة. وعقب ذلك، انتقل الأخير نحو اليابان حيث عاش لبضع سنوات قبل أن يفارق الحياة عام 2017.
