اخبار لايف

دائرة «العتمة» تتوسع.. هل ينجح العالم في «اختبار الكهرباء»؟


مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وتناقص موارد الطاقة على مستوى العالم، تتزايد فاتورة استهلاك الكهرباء في العديد من الدول، وفي بعض الأحيان يتخطى الاستهلاك قدرة الإنتاج، لذا تلجأ بعض البلدان إلى تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء لفترات طويلة.

مع تزايد الظواهر الناتجة عن التغير المناخي، تتفاقم مشكلات البشرية، ففي الوقت الذي يبحث فيه الإنسان عن موارد جديدة للطاقة ويسابق الزمن للتحول نحو المصادر النظيفة، عليه أن يواكب أيضا الطلب المتزايد الناشئ عن زيادة عدد سكان وارتفاع درجات الحرارة والكوارث الطبيعية الأخرى ومتطلبات الصناعات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي وتعدين البيتكوين.

ما هو عدد الأشخاص الذين يعيشون دون كهرباء؟

تشير أحدث الإحصائيات إلى ارتفاع عدد الأشخاص المحرومين من الكهرباء في العالم في 2022 للمرة الأولى منذ عشر سنوات، وفقا للوكالة الدولية الطاقة والأمم المتحدة.

  • «العين الإخبارية» تتبع شبكة الكهرباء العالمية.. هل تصلح للطاقة المتجددة؟

في يونيو/حزيران الجاري، أظهر تقرير سنوي شارك في وضعه البنك الدولي والوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومنظمة الصحة العالمية أن حوالي 685 مليون شخص لم يكن لديهم وصول إلى الكهرباء عام 2022، أي أكثر بنحو 10 ملايين شخص عما كان عليه العدد عام 2021، ويعود ذلك إلى تجاوز النمو السكاني زيادة توصيلات الكهرباء على خلفية أزمة الطاقة والتضخم وتوترات جيوسياسية.

على صعيد آخر، ما زال 2.1 مليار شخص في العام 2022 يعتمدون على أنظمة طهو غير صحية قائمة على الفحم أو السماد أو الخشب أو النفايات الزراعية، وهو عدد مماثل لما كان عليه في العام السابق.

وكانت الأبخرة المنبعثة من تلك الممارسات السبب وراء 3.2 مليون وفاة مبكرة كل عام.

وخلافا لذلك، يضيء التقرير على النمو القوي لمصادر الطاقة المتجددة خصوصا طاقة الرياح والطاقة الشمسية. في عام 2022، وصلت طاقتها الإنتاجية إلى مستوى قياسي جديد مع 424 واط للفرد في المتوسط، كما ارتفع الاستهلاك العالمي للكهرباء المتجددة بأكثر من 6% مقارنة بعام 2021، ليصل إلى 28,2 % من استهلاك الكهرباء.

  • 685 مليون شخص في العالم يعيشون دون كهرباء

وفقا للتقرير الذي نشرته وكالة “فرانس برس”، ما زال العالم غير قادر على تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة على صعيد الطاقة بحلول العام 2030 والتي تنص على زيادة القدرة على إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات، وفق واضعي التقرير.

وإذا أُخذت في الاعتبار السياسات الحالية، سيبقى 660 مليون شخص غير قادرين على الحصول على الكهرباء في العام 2030 نحو 85% من بينهم في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وبحلول ذلك، سيبقى حوالى 1.8 مليار شخص معتمدين على أنظمة الطهو الضارة.

هل تصلح شبكة الكهرباء العالمية للطاقة المتجددة؟

حتى إذا نجح الإنسان في التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة وتمكن من تحقيق المعادلة الصعبة بين الإنتاج والاستهلاك، ستكون هناك مشكلة أخرى تتمثل في شبكة الكهرباء العالمية.

تستمر تطورات الطاقة المتجددة بسرعة مذهلة، حيث سيتم إنفاق 644 مليار دولار على القدرات الجديدة في عام 2024، ولكن شبكات الطاقة القديمة وغير الكافية يمكن أن تكون حجر عثرة كبيرا أمام تحول الطاقة.

العالم يعاني من أزمات انقطاع الكهرباء

إذا كان للعالم أن يحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما لا يتجاوز 1.8 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، فإن الأمر يتطلب استثمارات بقيمة 3.1 تريليون دولار في البنية التحتية للشبكات قبل عام 2030، وفقا لأبحاث شركة ريستاد إنيرجي “Rystad Energy”.

في هذا السيناريو، ستكون هناك حاجة إلى 18 مليون كيلومتر إضافية من شبكة الشبكات لمواكبة عملية الكهرباء الجارية عبر المدن والمقاطعات، بما في ذلك قدرة الطاقة المتجددة الجديدة والاعتماد السريع للسيارات الكهربائية.

وهذا من شأنه أن يرفع إجمالي طول شبكات الطاقة في جميع أنحاء العالم إلى 104 ملايين كيلومتر في عام 2030، ثم يتوسع إلى 140 مليون كيلومتر في عام 2050 – وهي نفس المسافة تقريبا من الأرض إلى الشمس.

وسيتطلب التوسع الفوري بمقدار 18 مليون كيلومتر ما يقرب من 30 مليون طن من النحاس، وهي سلعة تعاني بالفعل من نقص المعروض.

يعد الطلب العالمي المتزايد على الطاقة هو العامل الرئيسي الذي يدفع الحاجة إلى تحسين الشبكة. ويعود هذا الارتفاع إلى التوسع السكاني والتصنيع والتحضر في البلدان النامية، والجهود المبذولة للتخفيف من تغير المناخ من خلال الكهرباء.

كما يساهم الأمن السيبراني والجغرافيا السياسية والأولوية المتزايدة لتأمين إمدادات الطاقة الوطنية الموثوقة في زيادة هذه الحاجة. ومع ذلك، فإن الأطر التنظيمية غير الفعالة يمكن أن تؤخر بشكل كبير تطوير الشبكات، وبالتالي تحول الطاقة.

ستكون شبكات الطاقة عامل تمكين وعائقا أمام تحول الطاقة. وقد مكنت الشبكات الناضجة من التوسع السريع في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي شهدناها في السنوات الأخيرة، ولكن العديد من الشبكات الوطنية أصبحت الآن قريبة أو عند النقطة حيث لا يمكن إجراء المزيد من الاتصالات دون ترقيتها أو توسيعها. ويجب أن ترتفع مستويات الاستثمار السنوية إذا أردنا أن يستمر الاتجاه الحالي لبناء الطاقة المتجددة.

يبلغ إجمالي طول شبكات النقل والتوزيع على مستوى العالم حوالي 86 مليون كيلومتر، وهي مسافة كافية لتطويق الكوكب أكثر من 2100 مرة.

تتكون شبكة النقل من 6 ملايين كيلومتر من خطوط الجهد العالي (أكثر من 70 كيلو فولت). وبالمقارنة، تتكون شبكة التوزيع الأكبر حجما من حوالي 8 ملايين كيلومتر من خطوط الجهد المتوسط ​​(10 إلى 70 كيلو فولت) وشبكة ضخمة من خطوط الجهد المنخفض (أقل من 10 كيلو فولت) تقطع حوالي 72 مليون كيلومتر، وتصل إلى الأسر في جميع أنحاء العالم.

ومن المقرر أن يتوسع طول الشبكة إلى 104 ملايين كيلومتر بحلول عام 2030، و140 مليون كيلومتر بحلول عام 2050. ومن المقرر أن تساهم آسيا بأكثر من نصف الإضافات العالمية هذا العقد، حيث تتصدر الصين والهند الطريق كأول وثالث أكبر شبكة في العالم.

ونتوقع أن تصل استثمارات الشبكات العالمية إلى 374 مليار دولار هذا العام، حيث تمثل الصين حوالي 30% من الإجمالي. وستقود آسيا استثمارات توسيع الشبكات، لكن مناطق أخرى تحاول اللحاق بمواكبة الإضافات في القدرات المتجددة.

يتضمن قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف (IIJA) في الولايات المتحدة 65 مليار دولار لتحديث وتوسيع البنية التحتية الوطنية للطاقة، في حين أطلقت المفوضية الأوروبية خطة عمل للشبكات في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، داعية إلى استثمار 584 مليار يورو (626 مليار دولار) بين عامي 2020 و2020. 2030.

وفي المملكة المتحدة، أطلقت شركة National Grid خطة عمل لتجديد شبكتها لأول مرة منذ عقود، واستثمرت أكثر من 16 مليار جنيه استرليني (20.16 مليار دولار) في التحديثات بين عامي 2022 و2026.

ما هي نتيجة كل ما سبق؟

النتيجة الطبيعية لكل ما سبق، هي توسع رقعة الظلام على مستوى العالم، وتزايد عدد ساعات انقطاع الكهرباء في عدد من بلدان العالم.

لماذا غرقت الإكوادور في العتمة؟

غرقت الإكوادور في العتمة لساعات عدة اليوم الأربعاء إثر عطل أصاب شبكة الكهرباء وتسبب بانقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد وتعطل خدمات المترو وحركة المرور وغيرها من الخدمات الحيوية.

وانقطع التيار الكهربائي قرابة الساعة الثالثة مساء بالتوقيت المحلي وفاجأ ركاب المترو في العاصمة كيتو الذين توقفت قطاراتهم، حيث اضطر بعضهم إلى السير مسافات طويلة في أنفاق مظلمة قبل أن يجدوا مخرجا.

وبعد ثلاث ساعات أعلن وزير الطاقة روبرتو لوك على منصة إكس أنه تمت استعادة 95% من طاقة الشبكة الكهربائية، وفقا لما نقلته وكالة “فرانس برس”.

وكان قد أعلن في وقت سابق عن “انهيار في خط النقل، ما تسبب بسلسلة من الانقطاعات” وانهيار الشبكة في جميع أنحاء البلاد.

وانطفأت إشارات المرور في كيتو وقامت الشرطة بالانتشار على التقاطعات لحفظ النظام في المدينة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

وفي غضون ساعة تقريبا، بدأت الكهرباء تعود تدريجيا في بعض الأماكن في العاصمة.

وتعتمد الإكوادور في إنتاج الكهرباء على محطات توليد الطاقة الكهرومائية بنسبة 92%.

وعانى الإكوادوريون من تقنين بلغ 13 ساعة يوميا، لكن الوضع عاد إلى طبيعته مع حلول موسم الأمطار.

كيف دخلت الكويت دائرة انقطاع الكهرباء؟

تواجه بعض المناطق في الكويت الخميس لليوم الثاني على التوالي انقطاعا موقتا للتيار الكهربائي خلال ذروة الاستهلاك، بسبب عجز محطات توليد الطاقة عن تلبية الطلب المتزايد الناجم عن الطقس الحار، وفق ما أعلنت سلطات الدولة النفطية.

وأعلنت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الكويتية في بيان الخميس عن “المناطق التي قد يتم انقطاع التيار الكهربائي عنها خلال فترة الذروة تباعاً من الساعة 11:00 صباحاً إلى 5:00 مساءً لمدة تراوح بين ساعة إلى ساعتين في حال استدعت الحاجة”.

وأوضحت في بيان سابق مساء الأربعاء أن الانقطاع “جاء نتيجة لعدم قدرة محطات توليد الطاقة الكهربائية على استيفاء الطلب المتزايد على الأحمال الكهربائية خلال فترة الذروة” في ظلّ “ارتفاع درجات الحرارة مقارنة بنفس الفترات من الأعوام السابقة”.

وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات مثل هذه الإجراءات بسبب عجز في إنتاج الكهرباء.

ورغم أن سكان الكويت معتادون على طقس الخليج الحار، إلا أنّ البلد يتأثر بشكل متزايد بالتغيّر المناخي الناجم بشكل أساسي عن استهلاك الوقود الأحفوري مثل النفط الذي تُعد الكويت واحدا من أكبر مصدّريه.

ووقّعت الكويت الشهر الماضي عقودًا قصيرة المدى لشراء 300 ميغاواط من سلطنة عمان و200 ميغاواط من قطر من خلال هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، تغطي فترة فصل الصيف.

وتملك الكويت، العضو في منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، 7% من احتياطات النفط الخام في العالم. ويعتبر صندوق الثروة السيادي التابع لها من الأكبر في العالم. 

هل تستمر الأزمة في مصر؟

بعد سنوات من الوفرة في الكهرباء، دخلت مصر مرحلة جديدة، حيث شهد عام 2023 أزمة كهرباء اضطرت الحكومة إلى قطع الكهرباء لمدة ساعتين يوميا.

وتراجع إنتاج مصر من النفط والغاز والمشتقات في 2023 إلى 74 مليون طن، وذلك بالمقارنة مع نحو 80 مليون طن في العام 2022، حيث تراجع إنتاج الغاز الطبيعي بنحو 10%.

هل هناك دول عربية أخرى تعاني من انقطاع الكهرباء؟

هناك العديد من الدول من الدول العربية تعاني من أزمة الكهرباء مع شح مصادر الطاقة أو أزمات داخلية تسببت في ترشيد استهلاك الكهرباء.

يأتي في مقدمة هذه الدول تونس وليبيا ولبنان والعراق، والتي عانت كثيرا في أشهر الصيف من انقطاعات الكهرباء.

هل تعاني الدول المتقدمة من نفس الأزمة؟

في عام 2023، تكررت أزمة الكهرباء في عدد من الدول الكبرى بسبب الارتفاع المطرد في درجات الحرارة وزيادة استخدام المكيفات وأجهزة التبريد.

وطالت الأزمة كل من الصين وفرنسا وإسبانيا واليابان والولايات المتحدة وإيطاليا وبريطانيا واليونان.

ماذا عن باقي الدولي العالم؟

قائمة الدول التي تشهد انقطاعات متكررة في الكهرباء طويلة، وتتزايد يوما بعد الآخر، وتنتشر من قارة لأخرى، بعد أن طال التغير المناخي كل بقاع الكوكب.

في آسيا تأثرت إيران وباكستان بأزمات الكهرباء، وفي أفريقيا التي فازت بنصيب الأسد من الأزمة تأتي جنوب أفريقيا ونيجيريا في المقدمة، وفي أمريكا الجنوبية تأتي كوبا ضمن قائمة الدول التي تشهد أزمة في الكهرباء.

على العالم أن يدرك أنه أمام مشكلة حقيقة تحتاج إلى التكاتف ووضع حلول استثنائية لمواجهة مشكلة قد توقف تقدم البشرية.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى