اخبار لايف

في ذكرى «الثورة» الـ13.. تونس تجتث سرطان الإخوان وتستعيد البوصلة


بينما تحتفي تونس اليوم الأحد، بالذكرى الـ13 لتتويج ثورة 2011 بأبرز أهدافها المتمثلة في إجبار الرئيس الأسبق على التنحي، ودع البلد الأفريقي، إرث تنظيم الإخوان، بانتهاء آخر مراحل مسار يوليو.

إلا أنه ما بين تنحي الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، والتخلص من إرث الإخوان عبر مسار يوليو/تموز 2021 الذي أعلنه الرئيس قيس سعيد، مرت تونس بالعديد من المحطات، التي قبض فيها التنظيم وعناصره على مفاصل البلد الأفريقي.

وأصبح التونسيون يحتفلون بعيد الثورة يوم 14 يناير/كانون الثاني من كل عام إلى أن أصدر الرئيس التونسي أمرا رئاسيا في سبتمبر/أيلول 2021 يقضي باعتبار 17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام يوم عيد للثورة بدلا عن يوم 14 يناير/كانون الثاني الذي اعتبره تاريخا غير ملائم.

فماذا حدث في السنوات الـ13؟

بدأت شرارة الثورة بعد حرق بائع الخضر محمد البوعزيزي نفسه أمام مقر محافظة سيدي بوزيد احتجاجا على التهميش والفقر، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات قوية ضد حكم نظام زين العابدين بن علي انتهت بالإطاحة به في 14 يناير/كانون الثاني 2011، وفرار بن علي وعائلته من البلاد عقب مظاهرة حاشدة بشارع الحبيب بورقيبة.

وفي اليوم نفسه (14 يناير/كانون الثاني 2011) أعلن الوزير الأول محمد الغنوشي، عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة، بسبب تعثر أداء الرئيس لمهامه بحسب الفصل 56 من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول.

لكن المجلس الدستوري قرر بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل 57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 يناير/كانون الثاني 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يومًا.

ولم تدم فرحة التونسيين بإزاحة الرئيس الأسبق زين العابدين، طويلا، فوصلت جماعة الإخوان للحكم وقبضت على زمام الأمور في البلد الأفريقي، وعبثت بمقدراته، وأجهت الآمال الشعبية في التغيير.

فمنذ الإطاحة بالرئيس الأسبق، وعادت جماعة الإخوان بذراعها السياسية حركة النهضة، مُحملة بمشاعر الانتقام، من شعب يحب الحياة ويكره التعصب والتزمت والإرهاب.

ولم تمض أسابيع حتى انطلقت جماعة الإخوان، في تنفيذ مشروعها التدميري عبر إخراج جماعتها من السجون وتعويضهم بأموال طائلة من خزينة الدولة، وتعيينهم في مناصب عليا في الدولة بعد «تزوير» شهادات تخرجهم.

وفي إطار مسلسل التمكين، بدأت الخيام الدعوية تنتصب في تونس منذ سنة 2012، وشرع الوعاظ الذين خرجوا لتوهم من السجون في الدعوة للجهاد في سوريا وليبيا، بمباركة من نواب حركة النهضة وبحضورهم.

دعوة كانت جزءًا من مخطط «خبيث» لعبت فيه حركة النهضة دورا كبيرا، بتسهيل تسفير أبناء التونسيين إلى بؤر التوتر، مقابل أموال ضخمة دخلت خزائنها، ليتحول قياداتها من مشردين في المنافي إلى أثرى الأثرياء.

وضع أدخل تونس في دوامة من العنف والإرهاب والاغتيالات السياسية والفساد، ليس هذا فحسب، بل إن البلد الأفريقي وجد نفسه في أتون صراعات إقليمية، بمشاركة أبنائه في دوامة العنف التي اجتاحت بلدانًا بالمنطقة.

سرقة الثورة

وإلى ذلك، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي عمر اليفرني، إن «الشعب عندما خرج للشوارع في تلك الفترة كان ينادي بالحرية والكرامة والعمل فقط»، مشيرًا إلى أن التونسيين لم يعتقدوا يوما أن تصل جماعة الإخوان للحكم.

وأوضح المحلل السياسي التونسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011 كان حدثا مفصليا في تاريخ تونس، إلا أن السنوات التي تلت تلك اللحظة، بعد عودة زعيم الإخوان راشد الغنوشي لم تحقق مطالب التونسيين التي رفعت في الاحتجاجات الشعبية.

وأشار إلى أن جماعة الإخوان اختطفت تلك اللحظة التاريخية من الشعب التونسي، وأدخلت البلاد في دوامة من الصراعات والحسابات السياسية الضيقة، فالنقاشات باتت تدور حول هوية الدولة التونسية وعن كيفية تغيير القوانين والدستور ومجلة الأحوال الشخصية وعن التكفير والاستقطاب من أجل الجهاد.

وبحسب المحلل السياسي، فإن الثورة لم تعد تعني أي شيء للتونسيين، بسبب 10 سنوات من حكم الإخوان، مُني فيها البلد الأفريقي، بخيبة أمل سياسية واجتماعية، موضحا أن الصراع السياسي في تلك الفترة لم يكن على أفكار، بل كان يتمثل في تجاذبات جوفاء وعنف برلماني، مما أدى إلى فشل تونس في تحقيق التنمية التي خرج لأجلها التونسيون في 2011.

تصحيح المسار

إلا أن المشروع السياسي للرئيس قيس سعيد اعتبر بمثابة تصحيح لمسار الثورة التونسية التي سرق بريقها إخوان تونس من أجل إرساء مشاريعهم التخريبية، بحسب المحلل السياسي التونسي عبدالرزاق الرايس، الذي قال إن قيس سعيد من خلال قراراته في 25 يوليو/تموز 2021 استعاد الدولة من أيادي جماعة الإخوان التي عبثت بالبلاد وما زال تحاول نفث سمومها لأنها لا تستطيع العيش سوى في «مناخات فاسدة».

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قرر في 25 يوليو/تموز 2021، تجميد عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإعفاء رئيس الحكومة، مستخدما في ذلك فقرات قانونية بعينها، وما يسمح به الفصل 80 من الدستور، فضلا عن دعم شعبي كبير.

جاءت هذه القرارات إثر احتجاجات عارمة وصلت لجميع المحافظات التونسية، وتم خلالها حرق مقار حركة النهضة الإخوانية، وطالب خلالها المتظاهرون بوضع حد لجماعة الإخوان التي عاثت فسادا في البلاد.

وبحسب المحلل التونسي، فإن «جماعة الإخوان عاثت فسادا في البلاد وورطتها في مشاكل إقليمية»، مضيفًا: «عادوا من المنافي وظهروا في وسائل الإعلام يتحدثون عن المظالم التي عاشوها خلال سنوات نظام زين العابدين بن علي ولعبوا على أوتار العواطف والمشاعر ما جعل الشعب التونسي يهرع لانتخابهم في 2011 لكن لم يلتفتوا لمشاكل الشعب وشرعوا في الثأر والانتقام وتوزيع أموال الدولة على أنصارهم وجماعتهم التي خرجت من السجون».

وأضاف «هذا كله دفع بالشعب التونسي للخروج يوم 25 يوليو/تموز 2021 في انتفاضة شعبية لإسقاط حكم الإخوان».

ومنذ إعلانه إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، اتخذ الرئيس التونسي قيس سعيد عدة إجراءات وأصدر عددا من القوانين الاستثنائية التي أدت إلى تغيير المشهد السياسي.

محطات مهمة

ففي شهر سبتمبر/أيلول 2021، علق الرئيس سعيد العمل بدستور الإخوان الصادر عام 2014، من خلال إصدار مرسوم رئاسي منظم للسلطات، وهو المرسوم الذي حمل رقم 117.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، شكل حكومة جديدة، وشرع في محاسبة عدد من البرلمانيين والسياسيين المتورطين في قضايا الفساد المالي والإرهاب، ومنع رجال أعمال ورؤساء أحزاب ومنظمات وقضاة وإعلاميين ومحامين من السفر.

وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2022، أطلق الرئيس سعيد، الاستشارة الوطنية الإلكترونية حول الدستور والنظام السياسي والاقتصادي.

وفي الشهر التالي مباشرة، قرر سعيد، حل المجلس الأعلى للقضاء عبر مرسوم رئاسي، وأقر استبداله بمجلس قضائي مؤقت معين، وذلك لإبعاد قضاة الإخوان المتسترين على القضايا الخطيرة المتورط فيها قيادات الجماعة، وأبرزها الاغتيالات السياسية وقضايا التسفير إلى بؤر الإرهاب والتخابر على أمن الدولة.

وفي مارس/آذار 2022، قرر سعيّد حل البرلمان بشكل نهائي، وذلك على خلفية عقد جلسة عامة للبرلماني برئاسة رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي، أقرت إبطال العمل بالتدابير الاستثنائية التي وضعها سعيد، قبل أن يقرر بعدها حل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتعديل قانونها وتعويضها بـ 7 أعضاء معينين من قبل الرئيس.

aXA6IDE5Mi4yNTAuMjM5LjExMCA=

جزيرة ام اند امز

GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى