اخبار لايف

«وتد مربع في حفرة مستديرة».. لماذا يجب على الناتو البقاء خارج آسيا؟


قبيل أيام من قمة الناتو التي تنطلق، الثلاثاء، وتستمر حتى الـ11 من يوليو/تموز الجاري، كتب ينس ستولتنبرغ، أمينه العام مقالا بمجلة “فورين أفيرز”، استهدف فيه بكين، معلنا دخول الحلف عصرا جديدا من “المنافسة الدائمة معها”.

تلك التصريحات التي عكست نقاشات دارت في السنوات الأخيرة، حول إمكانية توسيع الحلف ليشمل دولًا في آسيا، لتكوين ما يمكن أن يطلق عليه «الناتو الآسيوي»، مدفوعة جزئيًا بالصعود العسكري للصين وتزايد نفوذها في المنطقة.

لكن محللين يرون أن هذا التوسع للناتو قد يكون له عواقب وخيمة، ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتصعيد التوترات في آسيا، واعتبروا أنه بمثابة زرع «وتد مربع بحفرة مستديرة»، وهو ما يستحيل إلا إذا هدم جوانبها وجعلها أقل أمانا واستقرارا.

وأكد المحللون أنه إذا كان الهدف هو مواجهة قوة الصين المتنامية في آسيا بفاعلية، فإن القوة  العسكرية الغربية «ليست هي الحل الأفضل».

وبدلاً من ذلك، يتعين على الدول الآسيوية والأوروبية أن تتعاون لصياغة نهج أكثر دقة وتوازناً لن يؤدي إلى تأجيج المزيد من الصراعات ــ أو وضع المنطقة في موقف مستحيل، وربما مدمر.

مخاطر توسع الناتو إلى آسيا

وحدد المحللون لـ”فورين أفيرز” عددا من المخاطر التي ينطوي عليها توسيع حلف شمال الأطلسي من تواجده بمنطقة آسيا, وأبرزها:

تفاقم التوترات مع الصين

فم من المرجح أن يُنظر إلى توسيع الناتو على أنه استفزاز من قبل الصين، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين بكين والغرب ويزيد من خطر نشوب صراع.

وقد يؤدي ذلك إلى سباق تسلح جديد وتصعيد عسكري في المنطقة، مما يعرض الأمن الإقليمي للخطر.

وتتمتع الصين بتاريخ طويل من الحذر تجاه التحالفات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تعتبرها تهديدًا لمصالحها الأمنية.

وقد عارضت الصين بشدة توسيع الناتو في الماضي، وحذرت من أن أي محاولة لجرها إلى صراع بين الولايات المتحدة والصين “ستُقابل برد قوي”.

زعزعة استقرار الدول الآسيوية

لا ترغب العديد من الدول الآسيوية في أن تُدخل في صراع بين الولايات المتحدة والصين، وتخشى من أن يؤدي وجود الناتو إلى زعزعة استقرار المنطقة.

وقد يؤدي ذلك إلى انقسامات جديدة وتوتر في العلاقات بين الدول الآسيوية، مما يعيق التعاون الإقليمي ويعرقل التنمية.

وتتمتع العديد من الدول الآسيوية بعلاقات قوية مع كل من الولايات المتحدة والصين، وتسعى إلى الحفاظ على الحياد الاستراتيجي لتجنب الوقوع في خضم التنافس بين القوى العظمى.

ويُنظر إلى توسيع الناتو على أنه محاولة لجر الدول الآسيوية إلى معسكر الولايات المتحدة، مما قد يدفعها إلى إعادة تقييم علاقاتها مع كل من واشنطن وبكين.

عدم كفاية القدرات العسكرية للناتو

وبحسب المحللين يفتقر الناتو إلى الموارد والقدرات العسكرية اللازمة للعب دور عسكري ذي مغزى في آسيا.

حيث تقع الدول الأعضاء في الناتو بشكل أساسي في أوروبا، وستواجه تحديات لوجستية كبيرة في نشر قوات وتجهيزات عسكرية في آسيا.

بالإضافة إلى ذلك، قد لا تكون الدول الأعضاء في الناتو على استعداد لتعهد موارد عسكرية كبيرة في منطقة بعيدة عن مصالحها الأمنية الأساسية.

وتركز استراتيجية الناتو الحالية بشكل أساسي على الدفاع عن الدول الأعضاء في أوروبا، وقد لا تكون مستعدة أو قادرة على تحويل الموارد اللازمة لردع الصين أو التعامل مع صراع عسكري في آسيا.

وعلاوة على ذلك، فإن نوع الأصول العسكرية التي تحتاجها دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا للردع والدفاع في القارة ــ مثل المدفعية الثقيلة، والأسلحة المضادة للدبابات، والطائرات التكتيكية دون طيار ــ تختلف تمام الاختلاف عن القدرات البحرية والجوية اللازمة لإبراز القوة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وحلف شمال الأطلسي ببساطة غير مجهز للتعامل مع الطوارئ الآسيوية.

بدائل لتوسيع الناتو

وبحسب التحليل فإن أمام الناتو بدائل للتوسع في منطقة آسيا، تعتمد على تركيز الدول الأوروبية على نفسها وعبر التعاون والدبلوماسية.. وأبرز تلك البدائل:

تركيز أوروبا على الدفاع عن نفسه

بدلاً من محاولة نشر قوات في آسيا، يجب على الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو التركيز على تعزيز قدراتها الدفاعية الخاصة

وسيساعد ذلك في ضمان قدرة أوروبا على الرد على التهديدات الأمنية في منطقتها الخاصة، دون الحاجة إلى الاعتماد على الولايات المتحدة أو دول أخرى.

تعاون الاتحاد الأوروبي مع آسيا

ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يتعاون مع الدول الآسيوية في مجالات مثل الأمن البحري، والتجارة، والاستثمار، ومعالجة التحديات العالمية مثل تغير المناخ.

يمكن أن يساعد هذا التعاون في بناء الثقة وتعزيز العلاقات بين الدول الآسيوية والأوروبية، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.

ويتمتع الاتحاد الأوروبي بعلاقات قوية مع العديد من الدول الآسيوية، ويمكنه تقديم مجموعة واسعة من الأدوات للتعاون، بما في ذلك المساعدة الإنمائية، وبناء القدرات، والدبلوماسية، والأمن البحري.

ويمكن للاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية العمل معًا لمعالجة التحديات المشتركة مثل تغير المناخ، والإرهاب، وانتشار الأسلحة النووية.

كما يمكن أن يساعد هذا التعاون في بناء الثقة وتعزيز العلاقات بين الدول الآسيوية والأوروبية، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.

دعم الدبلوماسية متعددة الأطراف

يجب على الدول الآسيوية والأوروبية العمل معًا لتعزيز القواعد والمعايير الدولية من خلال المؤسسات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة.

سيساعد ذلك في منع الصراعات وتعزيز التعاون السلمي في جميع أنحاء العالم.

كما يتعين على أعضاء حلف شمال الأطلسي أن ينخرطوا في التعاون الدبلوماسي مع الحلفاء الآسيويين، بما في ذلك انتخاب المرشحين بشكل مشترك لشغل المناصب العليا في الأمم المتحدة، للرد بفعالية على جهود بكين.

وينبغي لأوروبا أيضا أن تستفيد من مكانتها كقوة اقتصادية لتوسيع التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر مع الشركاء الآسيويين، وتوفير ثقل اقتصادي موازن للصين.

ويتعين على الاتحاد الأوروبي أن يبدأ بإتمام اتفاقيات التجارة الحرة مع الهند وإندونيسيا والفلبين والوفاء بوعده باستثمار 10 مليارات يورو في مجالات مثل البنية الأساسية المستدامة والاتصال الرقمي في جنوب شرق آسيا من خلال مبادرة البوابة العالمية على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وتتطلع أغلب الدول الآسيوية إلى أكثر من مجرد المساعدة العسكرية؛ فهي تريد المساعدة في تحقيق النمو الاقتصادي السريع والتقدم التكنولوجي والاستقرار الإقليمي.

الحوار والتعاون مع الصين

وبدلاً من اعتبار الصين تهديدًا، يجب على الدول الآسيوية والأوروبية الانخراط معها في حوار وتعاون بناءين.

يمكن أن يشمل ذلك التعاون في مجالات مثل مكافحة الإرهاب، ونزع السلاح النووي، وحماية البيئة، وسيساعد هذا في بناء الثقة وخفض التوترات وتعزيز الأمن الإقليمي.

وخلص التحليل إلى أن “توسيع الناتو ليشمل آسيا فكرة محفوفة بالمخاطر قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتصعيد التوترات في المنطقة، وبدلاً من ذلك، يجب على الدول الآسيوية والأوروبية التركيز على التعاون وتعزيز الأمن الإقليمي من خلال وسائل دبلوماسية وسياسية واقتصادية”.

يأتي هذا من خلال تعزيز الحوار والتعاون بين الدول الآسيوية والأوروبية، ودعم الدبلوماسية متعددة الأطراف، والانخراط مع الصين بشكل بناء، وبهذا يمكن للمجتمع الدولي العمل على خلق منطقة آسيوية أكثر أمانًا واستقرارًا وازدهارًا.

وللعام الثالث على التوالي، سيصعد زعماء أو ممثلو 4 دول غير أعضاء في الناتو – أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، والمعروفة باسم الدول الأربع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى منصة قمة الناتو.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA=

جزيرة ام اند امز

GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى