اخبار لايف

3 اختبارات حاسمة.. السياسة الخارجية تفرض نفسها على حملة هاريس


نادرا ما تكون قضايا السياسة الخارجية من الموضوعات المسيطرة على معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية، وإنما تحظى بأهمية كبيرة على هوامش المعركة.

وفي حال المنافسة القوية والتقارب الشديد بين المرشحين، كما هو الحال في المعركة الحالية بين المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب ومنافسته المحتملة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، تصبح للقضايا الهامشية أهمية كبيرة في تحديد هوية المرشح الفائز.

في الوقت نفسه فإن الناخبين ليسوا الجمهور الوحيد المهم لمرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وإنما هناك دول العالم التي تتابع هذه المعركة وتحدد الكثير من سياساتها سواء تجاه الولايات المتحدة أو تجاه العديد من القضايا الدولية وفقا لنتيجة الانتخابات الأمريكية.

لذلك فإن ما يفعله المرشح أو المرشحة للرئاسة الأمريكية يساهم بقوة في تشكيل التوقعات العالمية لما سيفعله أو ستفعله. لذلك لا يمكن لحملة المرشحة الديمقراطية هاريس تجاهل السياسة الخارجية، حيث تواجه الحملة ثلاثة اختبارات في مجال السياسة الخارجية بحسب المحلل الأمريكي هال براندز في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء.

ويقول براندز، الأستاذ في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، إن الاختبار الأول والأشد أهمية بالنسبة للناخبين هو اختبار القائد الأعلى. فالأمريكيون لا يتوقعون أن يكون رئيسهم خبيرا دبلوماسيا ولا عسكريا. لكنهم يتوقعون أن يكون لدى المرشحين الجادين المهارات الأساسية والثبات والقدرة على تقييم الأمور لقيادة الدولة وقواتها المسلحة في عالم معقد.

ويرى المحلل الأمريكي أن هاريس التي تنتظر إعلان ترشيح الحزب الديمقراطي لها رسميا خلال الأيام المقبلة بعد قرار الرئيس جو بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي، لديها قدر كبير من الخبرة المتراكمة بشؤون الدولة من خلال دورها الحالي كنائب للرئيس. وبالإضافة إلى مشاركتها في المحادثات الداخلية للإدارة الأمريكية بشأن كل القضايا والأحداث الحيوية، فقد مثلت الرئيس بايدن في مؤتمر ميونيخ للأمن في وقت سابق من العام الحالي.

ورغم ذلك، على هاريس إثبات مهارتها في السياسة الخارجية قبل موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية في الثلاثاء الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، خاصة وأن دورها في القضايا الجيوسياسية الأساسية في الإدارة الحالية لم يكن مرئيا باستثناء ملف الهجرة والذي لم يحظ بالتغطية الكافية.

وقد بدأ تحرك حملة هاريس لتأكيد جدارتها على صعيد السياسة الخارجية من خلال الخطاب المفتوح الذي وقعه أكثر من 300 من رموز السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي يؤكدون فيها قدرات هاريس في هذا الملف.

كما أن عليها من الآن وحتى موعد الانتخابات تكثيف لقاءاتها واتصالاتها بالقادة الأجانب. كما يحتاج النجاح في هذا الاختبار أيضا إلى إظهار قدراتها في مجال السياسة الخارجية من خلال خطبها ومقابلاتها الإعلامية في إطار الحملة الانتخابية.

الاختبار الثاني يتعلق بمدى قدرة هاريس على تقديم رؤية متماسكة لدور أمريكا في العالم. فمن المؤكد أن يركز الإعلام على المجالات التي تختلف فيها عن بايدن مثل رغبتها في ممارسة قدر أكبر من الضغوط السياسة على إسرائيل لإنهاء حربها ضد قطاع غزة الفلسطيني، وقد غابت عن جلسة الكونغرس التي ألقى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلية كلمته يوم الأربعاء الماضي.

في الوقت نفسه ستحظى هاريس بدعم قادة الدول الحليفة للولايات المتحدة لأنها ببساطة ليست ترامب، وكذلك بفضل دعمها لكل من أوكرانيا وتايوان ومعارضتها لما تصفه واشنطن بـ”الأنظمة الاستبدادية” وغيرها من العناصر التي تمثل امتدادا لسياسات بايدن.

ورغم ذلك فإن التحدي والذي يمثل الاختبار الثالث لها وهو مدى قدرتها على تأكيد فهمها ليس فقط للنقاط التي نجحت فيها السياسة الخارجية للرئيس بايدن، وإنما أيضا للنقاط والمجالات التي فشلت فيها سياسات الرئيس.

فقد كانت القدرة على إدارة الأزمة وبناء التحالفات أبرز نقاط قوة الرئيس بايدن الذي كان بارعا في تحفيز التحالفات الكبيرة أو الصغيرة، والتي ساعدت أوكرانيا في مقاومة روسيا، وتصدت لجهود الصين الرامية إلى تحقيق التفوق التكنولوجي والجيوسياسي على الولايات المتحدة. كما نجح بايدن في ضمان تماسك العالم الديمقراطي على نحو متزايد.

وعلى عكس فترة رئاسة ترامب، عندما قوض الدعوة إلى مواجهة المنافسة الصينية بمعاركة المفتعلة مع الحلفاء، لم تتجاهل إدارة بايدن خطر موسكو ولا بكين. كما كانت إدارة بايدن ثابتة ومسؤولة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. فبدون الدعم الأمريكي لأوكرانيا عقب الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022، لكانت هذه الدولة ستنهار، ثم قامت إدارة بايدن بدور جدير بالثقة في التعامل مع مخاطر التصعيد النووي مع روسيا في الشهور الأولى للحرب الأوكرانية.

أما بالنسبة للشرق الأوسط الذي دخل حالة من الفوضى فقد كان يمكن أن تخرج عن السيطرة في أعقاب هجمات الفصائل الفلسطينية المسلحة وفي مقدمتها حركة “حماس” على المستوطنات والقواعد الإسرائيلية فيما يسمى بغلاف قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل، ولولا الدور المهم الذي لعبته الإدارة الأمريكية سواء بدعم إسرائيل القوي، أو بكبح جماحها بشكل دوري حتى لا توسع نطاق الصراع في المنطقة.

كما كان تنسيق عملية التصدي متعدد الأطراف للهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل ردا على قصف الأخيرة لمبنى تابع للسفارة الإيرانية في سوريا في أبريل/نيسان الماضي إنجازا مهما لإدارة بايدن.

 ويقول هال براندز الباحث الزميل في معهد أمريكان إنتربرايز المؤلف المشارك لكتاب “منطقة الخطر: الصراع القادم مع الصين” وعضو مجلس الشؤون الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية إن فريق بايدن تعثر في التعامل مع مجموعة من القضايا التي ستقع على كاهل هاريس إذا فازت في الانتخابات.

من هذه القضايا الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة. فبايدن ساعد أوكرانيا على تجنب الهزيمة، لكنه لم يقدم استراتيجية لإنهاء هذه الحرب المروعة غير المقبولة.

واستخدمت واشنطن قوتها البحرية والجوية لتخفيف الأضرار الناجمة عن الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي على حركة الملاحة التجارية الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن ردا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن واشنطن لم تتمكن من وقف هذه الهجمات حتى الآن. كما يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تمتلك سياسة للتعامل مع الملف النووي لإيران التي يمكن أن تمتلك قنبلة نووية في أي لحظة.

 ويختتم المحلل الأمريكي براندز تحليله بالقول إن من الصعب أن ينتقد نائب رئيس، ولو بشكل ضمني أو متواضع، سجل الرئيس الذي عمل نائبا له، لكن القضايا التي ناضل بايدن بشأنها هي تلك التي ستهيمن على الرئاسة المقبلة. وكلما تصدت هاريس لنقاط القوة ونقاط الضعف في سياسة بايدن الخارجية وتقديم رؤية نقدية لنقاط الضعف، كلما أصبحت في وضع أفضل سواء بالنسبة لحملتها الانتخابية أو حتى في البيت الأبيض إذا تكللت جهود الحملة بالنجاح.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى