اخبار لايف

هجمات «بيجر» تكشف أسرار حزب الله.. «مجتمع مسلح» تحت الطلب


تقدم هجمات “بيجر” نافذة نادرة على كيفية إدارة الأعمال الداخلية لحزب الله، وهي منظمة معروفة بسريتها وتغلغلها العميق في المجتمع اللبناني.

ويبدو أن الهجمات الإسرائيلية في جميع أنحاء لبنان هذا الأسبوع والتي حولت أجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصال اللاسلكي إلى قنابل، استهدفت شبكة حزب الله الواسعة من عناصر الاحتياط والعناصر اللوجستية، وفقاً لأفراد مقربين من الجماعة المسلحة وروايات شهود عيان.

ويُعتقد أن معظم القتلى الـ37 كانوا من العناصر العسكرية النشطة، استناداً إلى إشعارات الوفاة التي نشرها حزب الله.

وبالإضافة إلى القتلى، هناك أكثر من 3,000 جريح، كثير منهم أصيبوا بالعمى أو التشويه.

وكان من بين القتلى والمصابين عاملين في مستشفى، وصاحب متجر، وميكانيكي سيارات، ومدرس؛ أي أنهم أشخاص لم يكونوا عناصر عسكرية متفرغة، ولكنهم كانوا على صلة بحزب الله بطرق أخرى.

“مجتمع مسلح”

ووفق صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أتاحت الهجمات نافذة نادرة على الأعمال الداخلية لحزب الله – وهو منظمة عسكرية وسياسية واجتماعية معروفة بسريتها وتجذرها العميق في المجتمع اللبناني.

وفي حين تعتبره الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون جماعة إرهابية، إلا أن حزب الله “قادر على الاستفادة من بئر عميق من الدعم في المناطق الشيعية في لبنان، عبر توفير الوظائف والخدمات التي تعجز الحكومة اللبنانية عن توفيرها”، على حد قول الصحيفة.

وفي ضواحي بيروت وفي جميع أنحاء الجنوب، يدير الحزب المستشفيات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والنقابات وشركات البناء.

في هذا السياق، قال جوزيف باحوط، مدير معهد السياسات العامة في الجامعة الأمريكية في بيروت، إن نطاق هجوم “بيجر” وأجهزة الاتصال اللاسلكي، يوضح عمق وامتداد نفوذ حزب الله في لبنان.

ومضى قائلا ”إنها ليست مليشيات سرية صغيرة.. إنها نوع من مجتمع مسلح“، مضيفا أن حزب الله ”تنظيم أفقي ضخم تغلغل في المجتمع“.

والثلاثاء الماضي، انفجرت الآلاف من أجهزة الاستدعاء “بيجر” الخاصة بحزب الله في وقت واحد في جميع أنحاء البلاد؛ في المنازل، والمتاجر وسيارات الأجرة، وفي زوايا الشوارع، ما أثار الذعر على نطاق واسع وأغرق المستشفيات بالمصابين.

وفي اليوم التالي، انفجرت المئات من أجهزة اللاسلكي ثنائية الاتجاه، مما تسبب في مزيد من الإصابات والارتباك.

شبكة واسعة

ووفق ما نقلته “واشنطن بوست” عن مصادر مطلعة، فإن حزب الله وزع الأجهزة المفخخة على عناصره هذا الربيع، كبديل عن الهواتف المحمولة التي كان يخشى أن تتعقبها إسرائيل في إطار حملة اغتيالات مستهدفة.

وقالت المصادر ذاتها، إن بعض أجهزة الاستدعاء أعطيت للعناصر العسكرية النشطة؛ بينما مٌنحت أيضا لآخرين يتولون الخدمات اللوجستية، أو كانوا في احتياط الحزب، أي المتاحين للاستدعاء في حال اندلاع حرب شاملة، أو يعملون في مؤسسات مدنية مثل المستشفيات.

وقال شخص لبناني مقرب من حزب الله للصحيفة الأمريكية، إن الذين يستخدمون أجهزة الاستدعاء “هم أشخاص ليس لديهم وظيفة واحدة فقط“، موضحًا أن الأعضاء غالبًا ما يلعبون أدوارًا مختلفة ومركبة داخل المنظمة.

وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، أقيمت جنازات أمس الأربعاء لبعض القتلى الذين سقطوا في هجمات أجهزة الاستدعاء، وكان من بينهم عسكريان من حزب الله وممرض في المستشفى وصبي يبلغ من العمر 11 عاماً.

وقال كل مشيع تقريبًا ممن اقتربت منهم صحيفة “واشنطن بوست”، إنهم يعرفون شخصًا قتل أو أصيب في الانفجارات.

ويقدر الخبراء، أن حزب الله لديه ما يصل إلى 50 ألف عنصر عسكري نشط وعشرات الآلاف من جنود الاحتياط.

“اختراق صعب”

وجرى توزيع أجهزة الاستدعاء على نطاق واسع في صفوف الاحتياط، بحسب ما ذكره الشخص المقرب من حزب الله، على أن يتم استخدامها لاستدعائهم للخدمة، سواء للحرب أو معالجة الجرحى أو أداء واجبات أخرى.

وقال هذا الشخص ”هذه الفئة هي الأكثر حيوية في صفوف حزب الله، وهي تتألف من أشخاص لديهم وظائف مدنية، لكنهم تحت الطلب عند الحاجة“.

ومضى قائلا إن التواصل بين كبار أعضاء الحزب، ومع المواقع الأمامية على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، يتم عبر شبكة من الأسلاك الصلبة.

ولكن جرى تزويد شخصيات بارزة أيضًا بأجهزة استدعاء. إذ أصيب السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، بجروح في وجهه ويده في هجوم يوم الثلاثاء، وفقاً لمسؤول إقليمي مطلع على الحادث، تحدث لـ”واشنطن بوست”.

كما قُتل محمد مهدي، الابن البالغ لعلي عمار، عضو البرلمان اللبناني عن حزب الله.

باحوط علق قائلا إن هذه الهجمات جعلت حزب الله مكشوفًا، إذ أن المعلومات المفتوحة المصدر عن القتلى والجرحى باتت تحت أعين شبكات استخبارات أجنبية.

ومضى قائلا: ”ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اختراقهم“، في إشارة إلى التقارير التي تفيد بأن شبكة اتصالات مخترقة أدت إلى قتل إسرائيل للقيادي في حزب الله فؤاد شكر في أواخر يوليو/تموز، ”لكن هذه المرة مختلفة من حيث الحجم“.

aXA6IDJhMDI6NDc4MDphOjE0NTE6MDoxN2IzOjljNmY6MiA= جزيرة ام اند امز GB

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى